(فائدة - 55) اعلم أن القضية مشتملة على عقدين: عقد الوضع وهو اتصاف ذات الموضوع بوصفه، وعقد الحمل وهو اتصافها بوصف المحمول، وقد اتفق أهل المنطق على أن العقد الثاني الصالح لجهات متعددة فقد يكون الاتصاف بوصف المحمول بالامكان عاما أو خاصا، وقد يكون بالضرورة وقد يكون بالدوام وهكذا.
واختلفت كلماتهم في العقد الأول، فنسب إلى أبى نصر الفارابي انه بالامكان والى الشيخ الرئيس انه بالفعل، فمن اختار الثاني حكم لأنه لا عكس للممكنتين قالوا إذ لا يلزم من صدق الأصل صدق العكس - مثلا إذا فرض ان مركوب زيد بالفعل منحصر في الفرس صدق كل حمار مركوب زيد بالامكان ولم يصدق عكسه، وهو ان بعض مركوب زيد بالفعل حمار بالامكان - ومن اختار الأول حكم بثبوت العكس لهما إذ يصدق حينئذ بعض مركوب زيد بالامكان حمار بالامكان.
أقول التحقيق انه لا وجه للتفصيل بين العقد لأنه ان أريد انه يجب أن يكون اتصاف الموضوع بوصفه أن يكون بالفعل ولا يجوز أن يكون بالامكان فهو خلاف الضرورة، إذ كما يجوز تقييد الاتصاف بالمحمول تارة بالامكان، وتارة بالفعل وهكذا يجوز تقييد الاتصاف بوصف الموضوع تارة بالامكان.
فيقال كل كاتب بالامكان متحرك الأصابع بالامكان، وتارة بالفعل فيقال كل كاتب بالفعل متحرك الأصابع بالفعل، وان أريد ان الظاهر من القضية عند اطلاقها