فان المترائي من كلامه وإن كان انتفاء أصل الملكية بالايجاب فيرد عليه ما ذكره شيخنا الأنصاري (قدس سره): من أن الاستحقاق المنتزع من ايجاب الفعل ليس من قبيل الاستحقاق، التملكي حتى يصير الفعل بالايجاب خارجا عن تحت تملكه، انه يمكن ارجاعه إلى ما بيناه كما لا يخفى.
ثم قال شيخنا (قدس سره): بعد تزييف ما ذكروه: والذي ينساق إليه النظر ان مقتضى القاعدة في كل عمل له منفعة محللة مقصودة جواز اخذ الأجرة والجعل عليه وإن كان داخلا في العنوان الذي أوجبه الله على المكلف، ثم إن صلح ذلك المقابل بالأجرة، لامتثال الايجاب المذكور أو اسقاطه به أو عنده سقط الوجوب مع استحقاق الأجرة، وان لم يصلح استحق الأجرة وبقى الواجب في ذمته لو بقي وقته والا عوقب على تركه.
واما مانعية مجرد الوجوب من صحة المعاوضة على الفعل فلم يثبت على الاطلاق بل اللازم التفصيل، فإن كان واجبا عينيا تعيينيا لم يجز اخذ الأجرة لان اخذ الأجرة عليه مع كونه واجبا مقهورا من قبل الشارع على فعله اكل للمال بالباطل، لان عمله هذا لا يكون محترما لان استيفائه منه لا يتوقف على طيب نفس، لأنه يقهر عليها مع عدم طيب النفس والامتناع.
ومما يشهد بما ذكرنا انه لو فرض ان المولى امر بعض عبيده بفعل لغرض وكان مما يرجع نفعه أو بعض نفعه إلى غيره، فاخذ العبد العوض من ذلك الغير على ذلك العمل عد اكلا للمال مجانا بلا عوض ثم إنه لا ينافي ما ذكرنا حكم الشارع بجواز اخذ الأجرة على العمل بعد ايقاعه، كما أجاز للوصي اخذ أجرة المثل أو مقدار الكفاية، لان هذا حكم شرعي لامن باب المعاوضة.
ثم لا فرق فيما ذكرنا بين التعبدي من الواجب والتوصلي مضافا في التعبدي إلى ما تقدم من منافاة اخذ الأجرة على العمل للاخلاص - كما نبهنا عليه سابقا -