وتقدم عن الفخر (ره) وقرره عليه بعض من تأخر عنه، ومنه يظهر عدم جواز اخذ الأجرة على المندوب إذا كان عبادة يعتبر فيها التقرب.
واما الواجب التخييري فإن كان توصليا فلا أجد مانعا من جواز اخذ الأجرة على أحد فرديه بالخصوص بعد فرض كونه مشتملا على نفع محلل للمستأجر، والمفروض انه محترم لا يقهر المكلف عليه فجاز اخذ الأجرة بإزائه، فإذا تعين دفن الميت على شخص وتردد الامر بين حفر أحد موضعين، فاختار الولي أحدهما بالخصوص لصلابته أو لغرض آخر، فاستأجر ذلك لحفر ذلك الموضع بالخصوص لم يمنع من ذلك كون مطلق الحفر واجبا عليه مقدمة للدفن.
وإن كان تعبديا فان قلنا بكفاية الاخلاص بالقدر المشترك وإن كان ايجاد خصوص بعض الافراد لداع غير الاخلاص فهو كالتوصلي.
وان قلنا بان اتحاد وجود القدر المشترك مع الخصوصية مانع عن التفكيك بينهما في القصد كان حكمه كالتعييني.
واما الكفائي فإن كان توصليا أمكن اخذ الأجرة على اتيانه لأجل باذل الأجرة فهو العامل في الحقيقة.
وإن كان تعبديا لم يجز الامتثال به واخذ الأجرة عليه، نعم يجوز النيابة، إن كان مما يقبل النيابة، لكنه يخرج عن محل الكلام لان محل الكلام اخذ الأجرة على ما هو واجب على الأجير لا على النيابة فيما هو واجب على المستأجر فافهم انتهى.
وفيه ان مالية العمل تتقوم بالمنفعة المحللة المقصودة، ومن المعلوم ان مجرد تحقق المالية لا يكفي في جواز الإجارة، بل يتوقف على اجتماع أمور أربعة - كما بيناه - وما ذكره من عدم مانعية الوجوب على سبيل الاطلاق في غير محله، لان وجوب العمل مطلقا عينيا أم كفائيا تعيينيا أم تخييريا يوجب نقص سلطنة العامل على عمله ومنع نفوذ التقلبات فيه.
توضيحه: ان الفعل بالوجوب مطلقا يتعين ويتمحض في الايجاد.