والرابع: كونه مما يقبل ان يتملكه باذل الأجرة ويستحقه، فخرج بالقيد الأول: عمل العامل الذي استحقه غيره وعمل العبد بنآه على أنه لا يملك شيئا وبالثاني:
عمل الصغير ونحوه حيث لا يجوز له التقلب فيه لعدم تماميته في ملكه وعمله وبالثالث: عمل العامل إذا اختص به منفعته لما عرفت وبالرابع: مالا يقبل ان يصير حقا من حقوق المستأجر.
إذا اتضح لك ذلك فاعلم أنه لا اختيار للشخص فيما وجب عليه، بل يتعين عليه ايجاد فلا يكون مالكا تاما له حتى يصح تقلباته فيه، بل هو مملوك في عمله وذمته مشغولة به، فعمله وان لم يكن مملوكا للشارع بمعنى الجده، حيث إنه منزه عن قيام الملك به بمعنى الجده وصيرورته محلا للحوادث، الا ان وجوبه عليه من أطوار المولوية التي هي أقوى من الملك بمعنى الجده، فحبل العمل مشدود بحبل المولوية المانع من نفوذ تقلبات العبد فيه.
ولعله يرجع إلى ما بيناه ما ذكره بعض الأساطين في شرحه على عد: من أن التنافي بين صفة الوجوب والتملك ذاتي لان المملوك المستحق لا يملك ولا يستحق ثانيا.
توضيحه: ان الذي يقابل المال لابد أن يكون كنفس المال مما يملكه المؤجر حتى يملكه المستأجر في مقابل تمليكه المال إياه، فإذا فرض العمل واجبا لله ليس للمكلف تركه، فيصير نظير العمل المملوك للغير، الا ترى انه إذا آجر نفسه لدفن الميت لشخص لم يجز ان يوجر نفسه ثانيا من شخص آخر لذلك العمل، وليس الا لان الفعل صار مستحقا للأول ومملوكا له فلا معنى لتمليكه ثانيا للاخر مع فرض بقائه على ملك الأول، وهذا المعنى موجود فيما أوجبه الله تعالى خصوصا فيما يرجع إلى حقوق الغير، حيث إن حاصل الايجاب هنا جعل الغير مستحقا لذلك العمل من هذا العامل، كأحكام تجهيز الميت التي جعل الشارع الميت مستحقا لها على الحي فلا يستحقها غيره ثانيا " انتهى.