قلت اما الخبران المتعارضان فمقتضى القاعدة هو سقوطهما كما هو الشأن في سائر الموارد والتخيير الذي ورد فيهما إن كان المراد به التخيير الظاهري فهو خارج عن مقتضى القاعدة بالدليل الشرعي. وإن كان المراد منه التخيير الواقعي كما احتمله بعض الأساطين (قدس سره) فهو خارج عن الموضوع لعدم التعارض بين الخبرين حينئذ لثبوت مدلوليهما حينئذ على سبيل التخيير لا التعيين فلا يتناقضان حتى يصير الخبران متعارضين.
واما الواجبان المتزاحمان لضيق الوقت عن امتثالهما فهما خارجان عن الموضوع أيضا لان التعارض إنما هو بين الأسباب لتنافي مسبباتها والمسببان وهما الواجبان ثابتان حينئذ في مرحلتي التحقق والتعلق وإنما يتزاحمان في المرحلة الثالثة وهي مرحلة تنجز الحكم فلا يتنجز أحدهما بعينه مع عدم أهمية أحدهما فيتخير المكلف في مرحلة الامتثال إذ العذر إنما هو عن الجمع بينهما فلا عذر له في تركهما وهكذا الحال في المجتهدين المتساويين إذ يجب التقليد على العامي ولو على سبيل التخيير بينه وبين الاحتياط مع تمكنه منه فان اتحد المجتهد فهو وان تعدد ولم يترجح أحدهما على الاخر بأحد الوجوه المرجحة لا يتعين عليه الرجوع إلى أحدهما بعينه لعدم المرجح كما أنه لا يمكنه ترك التقليد رأسا لوجوبه عليه ولا تقليدهما معا للتنافي بين أقوالهما فيتعين عليه الرجوع إلى أحدهما على سبيل التخيير.
والحاصل ان الحكم في هاتين الصورتين ثابت وإنما وقع التزاحم بين الحكمين في الأثر المترتب عليهما وحيث لا يمكن الجمع بينهما يتخير في الامتثال بخلاف المتعارضين فإنهما لتعارضهما وتكافؤهما يسقطان عن التأثير فلا يثبت الحكم رأسا كما عرفت.