وتصان الأحساب. وبه يجمع الله الشتات، ويخرج من كامن سر غيبه ما يقدر خلقه من البنين والبنات، وتساق به الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات، وهو لا يخلو من فوائد فيها للمؤمنين فوائد جمة. منها: أنه من أعظم شعار هذه الأمة. نصبه الله دليلا على وحدانيته ما تضمنته الحكمة. فقال عز من قائل: * (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) *. وقد جاء في مشروعيته وحكمه وتوكيد سنته والتحريض على فعله. قوله تعالى: * (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله) *. وهو أجل من أن ينبه على إيضاح سره وبيان معانيه. والمفهوم من تعظيم هذه الإشارة فيه: لمن استن بهذه السنة الحسنة ما يكفيه.
وكان فلان ممن أشرق في مطالع أفق الفضائل شهاب مجده، وأزهرت في سماء البلاغة نجوم سعده. وأتى في فن الأدب بما يحير اللبيب، ويدهش سواطع أنواره الأحمدية الفطن الاريب، طوالع إقباله مراتبها سعيدة، ومبادي أموره لم تزل عواقبها حميدة. وما هو إلا أن استخار واستشار. فحصل له من حسن الاختيار: حصوله على جهة مباركة، هي له في الصفات الحسنى مشاركة. ظفر بها بديعة الجمال. عزيزة المثال، محجوبة عن عين شمس الأفق، تروى أحاديث أصالتها وسيادتها من عدة طرق.
فأحرزها إحرازا أصبح توقيع القدرة الإلهية به منشورا. وسطرت الألفة الرحمانية كتابها تسطيرا، وحق له أن يكون لله على ما أولاه من إحرازها شكورا. وأن يعاملها بما هو مأمور به شرعا، إذا أودع مشكاة نبيه منها نورا، فطالما أسبلت العيون عليها ستورا.
وأحسن التأديب تأديبها لحائزها، فقيل لحاسده: كفى تعبا من يحسد الشمس نورها، وهي مع ذلك تفخر بوالدها الذي أصبح ذو فضل يروى. وحاز سيادتي فتوة وفتوى. وله بنقل العلم خبرة عالم هدى صحيح النقل للمتعلم. كم حل للطلاب من درس على رأي ابن إدريس الامام الأعظم. لا جرم أنه إمام فضل تشرفت بنعوته الأقوال. وحسنت بمحاسن وقته الافعال. وهو ذو ديانة يعد فيها سريا، وصاحب معروف وبشر. أصبح بها وليا، وبانتساب إلى بيت طيب الأعراق، زاكي المغارس والأخلاق.
وكان مما قدره الله وأراده، وأجرى به من القدم قلم التوفيق والسعادة. أن هذا الخاطب قد زاد محاسنه من بيت هذا الخطيب البارع بما يرفع له في العالمين ذكرا، ونحوه إذا ذكرت أنسابه العلية نسبا وصهرا.
وحيث صحح كل منهما النية، وأيقن أن قد ظفر ببلوغ الأمنية. أجاب هذا الولي