وإمام علم التوحيد، وبحره الوافر الطويل المديد. وهو العالم العامل العلامة، الذي ما درس إلا أحيا ما درس من العلوم بدرسه. ولا خيمت على العلماء ظلمة إشكال إلا أزالها بشعاع شمسه. ولا حج إلى بيته المعمور متمتع إلا أمتعه بفرائده وفوائده ولطيف أنسه.
مع منزله واعترافه تواضعا بحقارة نفسه. وهو القائم في الحقيقة بالحجة البالغة، والفصيح الذي يذعن لفصاحته كل نابغة، وفي تسليك أهل الطريق العلم الفرد الذي يأثم به الهداة، وتحف السعادة الأخروية برقائق وعظه وهداه. ما نطق إلا وكان لعذوبة لفظه في طريق الفصاحة سلوك. ولا جلس بين يديه ذو ملكة في نفسه من السلاطين والملوك، إلا وخاطبه: بأقل العبيد والمملوك.
سل عنه وأنطق به وانظر إليه، تجد ملء المسامع والأفواه والمقل وعلى الجملة: فهو ذو الباع الأطول، والبحر الذي اندرج النهر في ضمنه اندراج الجدول. فنفع الله هذا الشاب ببركة هذا الشيخ الولي. وزاد في علو شرف بيته الجعفري، الذي هو في الشرف علي.
ثم لما صحح كل من الخاطب والمخطوب إليه النية وعزم. وكمل بدر الاتفاق وتم. فتناسق جوهر عقد هذا العقد السعيد وانتظم. صدر التفويض الشرعي، والاذن من والدها المشار إليه على وضعه المحرر المرعي، لسيدنا ومولانا قاضي القضاة فلان الدين، أنفذ الله حكمه وأمضاه: أن يزوجها من خاطبها المشار إليه، أسبغ الله عليه ظله، وقرن بالتوفيق عقده وحله. فأجابه إلى ذلك متبركا بقبول إذنه الكريم، وشرف خطيب هذه الحضرة العلية الاسماع، تاليا بعد انتظام عقده النظيم. وإتمام انسجامه ببديع التكميل والتتميم. بفضل بسم الله الرحمن الرحيم.
وهذا ما أصدق فلان المشار إليه - أفاض الله نعمه عليه - مخطوبته فلانة ابنة فلان، المسمى أعلاه، أدام الله رفعته وعلاه، على كتاب الله وسنة رسوله (ص)، وشرف وكرم وبجل وعظم. صداقا يحلى جيد الزمان بدرر عقوده. وشملت البركة المحمدية جميع حاضريه وعاقده وشهوده. جملته من الذهب كذا وكذا. زوجها منه بذلك بإذنها ورضاها.
وأذن والدها المشار إليه الآذن المرتب الشرعي، سيدنا ومولانا قاضي القضاة المشار إليه.
أدام الله أيامه الزاهرة. وأسبغ عليه نعمه باطنة وظاهرة. وجمع له بين خيري الدنيا والآخرة. تزويجا شرعيا، معتبرا مرضيا، بعد وضوحه شرعا، وخلوها من كل مانع شرعي. هنالك هبت نسمات التوفيق قبولا. وتعاطفت جملتاه إيجابا وقبولا. ونظمت أسلاك الفرح بحباتها، وأخرجت حواري السعود مخبآتها، وابتهجت بلبد ماح هذه