الحميد داعيه ولبى، وأقبل بوجه بشره إليه وما تأبى.
وحين هبت نسمات القبول بالايجاب. قال الذي عنده علم من الكتاب: تعين أن يرقم طرس هذا العقد الذي توفر من المسرات قسطا. وأن يسطر في هذا الرقيم حفظا له وضبطا. هنالك استخدم راقما للقلم وأعمل، وكتب بعد أن بسمل: هذا ما أصدق فلان، أدام الله توفيقه. وسهل إلى كل خير طريقه، مخطوبته الجهة المصونة والدرة المكنونة المحجبة المخدرة الأصيلة، العريقة الجليلة، فلانة بنت فلان الفلاني، على بركة الله تعالى وعونه، وحسن توفيقه، ويمنه وسنة نبيه محمد (ص) وشرف وكرم وبجل وعظم، صداقا جملته من الذهب كذا وكذا، على حكم الحلول - أو مقبوضا، أو مقسطا - زوجها منه بذلك بإذنها ورضاها، والدها المشار إليه، أفاض الله نعمه عليه، تزويجا شرعيا بعد وضوحه شرعا، وخلوها من كل مانع شرعي. وقبل الزوج المذكور النكاح لنفسه على المسمى فيه قبولا شرعيا - أو وكيله الشرعي في ذلك فلان الفلاني - بشهادة شهوده، ويكمل. ويؤرخ.
خطبة نكاح، واسم الزوج محمد، والزوجة عائشة:
الحمد لله الذي أكد بالنكاح حقوق القرابة، وميز به بين الحلال والحرام. وحفظ به الأنساب على أن تختلط أو تتشابه، وأثبت لدواعي همم متعاطيه الدخول وحكم لرأيه بالإصابة. وقرن بالتوفيق عقده وحله وقبوله وإيجابه. نحمده على نعمه التي جمعت لنا الخيرات جمع كثرة. ونشكره على ما وفره لنا من أقسام المسرة. ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة شمس الدين بها في أفق سماء الايمان طالعة. وبروق اليقين في الأكوان المحمدية لامعة ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، الذي سن النكاح وشرعه. وجرد سيف شريعته المطهرة لعنق السفاح فقطعه. ولانف الغيرة فجدعه. وما أعلى قدر من سلك منهاجه القويم واتبعه. واتبع النور الذي أنزل معه. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين انتهوا بنواهيه وامتثلوا أوامره. وكانوا بسلوك هديه في الهداية مثل النجوم الزاهرة. وحازوا برؤيته والرواية عنه خيري الدنيا والآخرة، صلاة تنتظم في عقودها جواهر الحكمة، ويجعل الله بها بين هذين الزوجين إن شاء الله مودة ورحمة. ما قبلت شفاه الأقلام وجنات الطروس، واجتليت على منصات الدفاتر محاسن عروس، واجتنيت من رياض الأفكار أزهار غروس. وسلم تسليما كثيرا.
وبعد، فإن النكاح من أخص خصائص السنن المحمودة المآثر والخصال، المعدودة من نفائس الأعمال، التي تزدان بازدواجها عقود المفاخر. وتتزين بانتساجها لحمة النسب