ماثله، إلا كما بين الثريا والثرى. فكم عائل أغنى، وكم مارد أفنى. وكم أقاليم مهدها بقلمه، وممالك طهرها بآرائه وبدامغ حكمه. وكم مظلمة ردها بسفارته، وظلمة أعادها نورا بحسن إشارته. وكم مكروب أزال كربه، ومرعوب أزال رعبه. مع رغبة فيما عند الله، وما كان لله فهو باق، وسيرة سرية سارت بها الرفاق. وإرشاد إلى الخير، وكف كفا كف المعتدين. وتفقه في دين الله، ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين وسوابق فضل، بها بلغ ما أمله المؤملون، ولهو أحق خير تلا عليها إخلاصه * (لمثل هذا فليعمل العاملون) *.
ولما علم ما في التخلص من ربقة الرق من المزية العظمى عند خالق الخلق، عمد إلى عتق ما ملكه اليمين، واستمسك بحبل الله المتين، وسرحه من حصر الاسترقاق إلى بحبوحة التحرير. ومن ضيق الملكية إلى سعة العتق الصريح، المستغنى به عن التدبير، واستخار الله تعالى، فخار له في هذين الامرين، وأنهضه إلى إتمامهما فحاز بهما الاجرين. هنالك أشار بتنظيم عقد هذا العقد الميمون. وتقرير هذا الامر الذي حقق في حسن صحبته وكريم وقايته الظنون. وعند ذلك بلغ الكتاب أجله. وأدرك المؤمل ما أمله. وأشرقت كواكب سعده إشراق الزمن بمفاخره، وتهللت وجوه السرور، كما تهللت الأيام بمآثره. وود مسطره لو اتخذ أديم السما طرسا، وحلاه بكواكب الجوزاء واستعار الليل نقشا، لا بل لرقم مسطوره على سطور صفحات النهار، ولولا إشراق نوره لاستعاذ من سنا البدر وسنا الشمس بأنوار. وإنما علم أن قدره الكريم، لا يقابل من الاجلال والتكريم، إلا بأشرف أسماء الله العلي العظيم. فرقم في مفتتح عقده النظيم:
بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أصدق مولانا المقر الشريف العالي الفلاني، عتيقته الجهة الكريمة، العالية المصونة المحجبة، زينة الستات، شرف مجالس الخواتين والخوندات فلانة. صان الله حجابها، ووصل بأسباب السعادات أسبابها، المرأة المسلمة البالغ العاقل الأيم، الخلية عن الموانع الشرعية. أصدقها - على بركة الله تعالى العظيم، وسنة نبيه الكريم، سيدنا محمد عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والتسليم - صداقا مبلغه كذا على حكم الحلول. زوجها منه بذلك بإذنها الكريم، ورضى نفسها النفيسة لعدم الأولياء والصدقات.