مال نفسه يرجع بما قبض على الموكل لان الآمر بقضاء الدين من مال غيره استقراض منه والمقرض يرجع على المستقرض بما أقرضه وكذلك الوكيل بالشراء من غير دفع الثمن إلى الوكيل توكيل بقضاء الدين وهو الثمن والوكيل بقضاء الدين إذا قضى من مال نفسه يرجع على الموكل فكذا الوكيل بالشراء وله أن يحبس المبيع لاستيفاء الثمن من الموكل عند أصحابنا الثلاثة وعند زفر ليس له حبسه (وجه) قوله إن المبيع أمانة في يد الوكيل ألا ترى انه لو هلك في يده فالهلاك على الموكل حتى لا يسقط الثمن عنه وليس للأمين حبس الأمانة بعد طلب أهلها قال الله تعالى ان الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها فصار كالوديعة (ولنا) انه عاقد وجب الثمن له على من وقع له حكم البيع ضمانا للمبيع فكان له حق حبس المبيع لاستيفاء الثمن كالبائع مع المشترى وإذا طلب منه الموكل فحبسه حتى هلك كان مضمونا عليه بلا خلاف بين أصحابنا لكنهم اختلفوا في كيفية الضمان قال أبو حنيفة ومحمد يكون مضمونا ضمان البيع وقال أبو يوسف يكون مضمونا ضمان الرهن وقال زفر يكون مضمونا ضمان الغصب (وجه) قول زفر ما ذكرنا ان المبيع أمانة في يده والأمين لا يملك حبس الأمانة عن صاحبها فإذا حبسها فقد صار غاصبا والمغصوب مضمون بقدره من المثل أو بالقيمة بالغا ما بلغ (وجه) قول أبي يوسف ان هذا عين محبوسة بدين يسقط بهلاكها فكانت مضمونة بالأقل من قيمتها ومن الدين كالرهن (وجه) قولهما ان هذه عين محبوسة بدين هو ثمن فكانت مضمونة ضمان البيع كالمبيع في يد البائع وكذلك الوكيل بالبيع إذا باع وسلم وقبض الثمن ثم استحق المبيع في يد المشترى فإنه يرجع بالثمن على الوكيل فيأخذ عينه إن كان قائما ومثله أو قيمته إن كان هالكا والله عز وجل أعلم (فصل) وأما بيان ما يخرج به الوكيل عن الوكالة فنقول وبالله التوفيق الوكيل يخرج عن الوكالة بأشياء (منها) عزل الموكل إياه ونهيه لان الوكالة عقد غير لازم فكان محتملا للفسخ بالعزل والنهى ولصحة العزل شرطان أحدهما علم الوكيل به لان العزل فسخ للعقد فلا يلزم حكمه لابعد العلم به كالفسخ فإذا عزله وهو حاضرا نعزل وكذا لو كان عائبا فكتب إليه كتاب العزل فبلغه الكتاب وعلم بما فيه انعزل لان الكتاب من من الغائب كالخطاب من الحاضر وكذلك لو أرسل إليه رسولا فبلغ الرسالة وقال إن فلانا أرسلني إليك ويقول إني عزلتك عن الوكالة فإنه ينعزل كائنا ما كان الرسول عدلا كان أو غير عدل حرا كان أو عبدا صغيرا كان أو كبيرا بعد أن بلغ الرسالة على الوجه الذي ذكرنا لان الرسول قائم مقام المرسل معبر وسفير عنه فتصح سفارته بعد أن صحت عبارته على أي صفة كان وان لم يكتب كتابا ولا أرسل رسولا ولكن أخبره بالعزل رجلان عدلان كانا أو غير عدلين أو رجل واحد عدل ينعزل في قولهم جميعا سواء صدقه الوكيل أولم يصدقه إذا ظهر صدق الخبر لان خبر الواحد مقبول في المعاملات فإن لم يكن عدلا فخبر العدلين أو العدل أولى وان أخبره واحد غير عدل فان صدقه ينعزل بالاجماع وان كذبه لا ينعزل وان ظهر صدق الخبر في قول أبي حنيفة وعندهما ينعزل إذا ظهر صدق الخبر وان كذبه (وجه) قولهما ان الاخبار عن العزل من باب المعاملات فلا يشترط فيه العدد ولا العدالة كما في الاخبار في سائر المعاملات (وجه) قول أبي حنيفة ان الاخبار عن العزل له شبه الشهادة لان فيه التزام حكم المخبر به وهو العزل وهو لزوم الامتناع من التصرف ولزوم العهدة فيما يتصرف فيه بعد العزل فأشبه الشهادة فيجب اعتبار أحد شروطها وهو العدالة أو العدد وعلى هذا الاختلاف الشفيع إذا أخبره بالبيع واحد غير عدل فلم يصدقه ولم يطلب الشفعة حتى ظهر عنده صدق الخبر فهو على شفعته عند أبي حنيفة وعند هما بطلت شفعته وعلى هذا الاختلاف إذا جنى العبد جناية في بني آدم ثم أخبره واحد غير عدل مولاه ان عبده قد جنى فلم يصدقه حتى أعتقه لا يصير المولى مختارا للفداء عند أبي حنيفة وعندهما يصير مختارا للفداء وعلى هذا الاختلاف العبد المأذون إذا بلغه حجر المولى من غير عدل فلم يصدقه لا يصير محجورا عنده وعند هما يصير محجورا وان عزله الموكل واشهد على عزله وهو عائب ولم يخبره بالعزل أحد لا ينعزل ويكون تصرفه قبل العلم بعد العزل كتصرفه قبل العزل في جميع الأحكام التي بيناها وعن أبي يوسف في الموكل إذا عزل الوكيل ولم يعلم به فباع الوكيل وقبض الثمن فهلك الثمن في يد الوكيل ومات
(٣٧)