يجيزه الموكل أو الوكيل بعد علمه بالوكالة لان حكم الآمر لا يلزم الابعد العلم بالمأمور به أو القدرة على اكتساب سبب العلم بالمأمور به كما في أوامر الشرع (وأما) علم الوكيل على التعيين بالتوكيل فهل هو شرط ذكر في الزيادات انه شرط وذكر في الوكالة انه ليس بشرط فإنه قال إذا قال الموكل لرجل اذهب بعبدي هذا إلى فلان فيبيعه فلان منك فذهب الرجل بالعبد إليه وأخبره أن صاحب العبد أمره ببيعه منه فاشتراه منه صح شراؤه وان لم يخبره بذلك فالبيع جائز كذا ذكر محمد في كتاب الوكالة وجعل علم المشترى بالتوكيل كعلم البائع الوكيل وذكر في الزيادات انه لا يجوز البيع وصورة المسألة في الصبي المأذون وذكر في المأذون الكبير ما يدل على جواز البيع فإنه قال إذا قال المولى لقوم بايعوا عبدي فانى قد أذنت له في التجارة فبايعوه جاز وان لم يعلم العبد بإذن المولى لهم بالمبايعة وليس التوكيل كالوصاية فان من أوصى إلى رجل غائب أي جعله وصيا بعد موته ثم مات الموصى ثم إن الوصي باع شيئا من تركة الميت قبل علمه بالوصاية والموت فان بيعه جائزا استحسانا ويكون ذلك قبولا منه للوصاية حتى لا يملك اخراج نفسه منها والقياس أن لا يجوز والفرق أن الوصي خلف عن الموصى قائم مقامه كالوارث يقوم مقام المورث ولو باع الوارث تركة الميت بعد موته وهو لا يعلم موته جاز بيعه فكذا الوصي بخلاف التوكيل لأنه أمر من الموكل وحكم الامر لا يلزم الابعد العلم أو سببه على ما مر فإذا ثبت أن العلم بالتوكيل شرط فإن كان التوكيل بحضرة الموكل أو كتب الموكل بدلك كتابا إليه فبلغه وعلم ما فيه أو أرسل إليه رسولا فبلغ الرسالة أو أخبره بالتوكيل رجلان أو رجل واحد عدل صار وكيلا بالاجماع وان أخبره بذلك رجل واحد غير عدل فان صدقه صار وكيلا أيضا وان لم يصدقه يبغي أن يكون على الاختلاف في العدل عند أبي حنيفة لا يكون وكيلا وعند أبي يوسف ومحمد يكون كيلا كما في العزل على ما نذكره في موضعه إن شاء الله تعالى (وأما) الذي يرجع إلى الموكل فإنه يرجع إلى الموكل به فإنه يرجع إلى بيان ما يجوز التوكيل به ومالا يجوز والجملة فيه ان التوكيل لا يخلو اما أن يكون بحقوق الله عز وجل وهي الحدود واما أن يكون بحقوق العباد والتوكيل بحقوق الله عز وجل نوعان أحدهما بالاثبات والثاني بالاستيفاء أما التوكيل باثبات الحدود فإن كان حدا لا يحتاج فيه إلى الخصومة كحد الزنا وشر الخمر فلا يتقدر التوكيل فيه بالاثبات لأنه بثبت عند القاضي بالبينة أو الاقرار من غير خصومة وإن كان مما يحتاج فيه إلى الخصومة كحد السرقة وحد القذف فيجوز التوكيل باثباته عند أبي حنيفة ومحمد وعند أبي يوسف لا يجوز ولا تقبل البينة فيهما الامن الموكل وكذلك الوكيل باثبات القصاص على هذا الخلاف (وجه) قول أبى يوسف انه كما يجوز التوكيل فيه بالاستيفاء فكذا بالاثبات لان الاثبات وسيلة إلى الاستيفاء ولهما الفرق بين الاثبات والاستيفاء وهو ان امتناع التوكيل في الاستيفاء لمكان الشبهة وهي منعدمة في التوكيل بالاثبات (وأما) التوكيل باستيفاء حد القذف والسرقة فإن كان المقذوف والمسروق منه حاضرا وقت الاستيفاء جاز لأن ولاية الاستيفاء إلى الامام وانه لا يقدر على أن يتولى الاستيفاء بنفسه على كل حال وإن كان غائبا اختلف المشايخ فيه قال بعضهم يجوز لأن عدم الجواز لاحتمال العفو والصلح وانه لا يحتملهما وقال بعضهم لا يجوز لأنه إن كان لا يحتمل العفو والصلح فيحتمل الاقرار والتصديق وهذا عندنا وقال الشافعي رحمه الله يجوز التوكيل باستيفاء حد القذف كيف ما كان (وجه) قوله إن هذا حقه فكان بسبيل من استيفائه بنفسه وبنائبه كما في سائر الحقوق (ولنا) الفرق على قول بعض المشايخ وهو ما ذكرنا انه يحتمل أنه لو كان حاضر الصدق الرامي فيما رماه أو يترك الخصومة فلا يجوز استيفاء الحد مع الشبهة والشبهة لا تمنع من استيفاء سائرا لحقوق ويجوز التوكيل بالتعزير اثباتا واستيفاء بالاتفاق وللوكيل أن يستوفى سواء كان الموكل غائبا أو حاضرا لأنه حق العبد ولا يسقط بالشبهات بخلاف الحدود والاختصاص ولهذا ثبت بشهادة رجل وامرأتين فأشبه سائر الحقوق بخلاف الحدو القصاص (وأما) التوكيل باستيفاء القصاص فإن كان الموكل وهو المولى حاضر أجاز لأنه قد لا يقدر على الاستيفاء بنفسه فيحتاج إلى التوكيل وإن كان عائبا لا يجوز لان احتمال العفو قائم لجواز أنه لو كان حاضرا
(٢١)