الثاني يهلك بالدين فكان ضمانه رهنا لأنه بدل المرهون وان ضمن المرتهن الثاني بطل الرهن الثاني ويكون الضمان رهنا على المرتهن الأول لكونه بدل المرهون ويرجع المرتهن الثاني على المرتهن الأول بما ضمن وبدينه (أما) الرجوع بالضمان فلانه صار مغرورا من جهته فيرجع عليه (أما) الرجوع بدينه فلان الرهن الثاني لم يصح فيبقى دينه عليه كما كان وان رهن عند الثاني باذن الراهن الأول جاز الرهن الثاني وبطل الرهن الأول (أما) جواز الرهن الثاني فلان المانع من الجواز قد زال باذن الراهن الأول فإذا أجاز الثاني بطل الأول ضرورة وصار كان المرتهن الأول استعار مال الراهن الأول ليرهنه بدينه فرهنه وليس له أن يودعه عند أجنبي ليس في عياله لان الراهن لم يرض الا بيده أو بيد من يده في معنى يده ويد الأجنبي الذي ليس في عياله ليست في معنى يده فان فعل وهلك في يد المودع ضمن كل قيمته لأنه صار غاصبا بالايداع وله أن يدفعه إلى من هو في عياله كزوجته وخادمه وأجيره الذي يتصرف في ماله لان يد هؤلاء كيده الا ترى أنه يحفظ مال نفسه بيدهم فكان الهالك في أيديهم كالهالك في يده والأصل في هذا أن للمرتهن ان يفعل في الرهن ما يعد حفظا له وليس له أن يفعل ما يعد استعمالا له وانتفاعا به وعلى هذا يخرج ما إذا ارتهن خاتما فجعله في خنصره فهلك ضمن كل قيمته لان التختم بالخنصر مما يتجمل به عادة فكان استعمالا له وهو مأذون في الحفظ لا في الاستعمال ويستوى فيه اليمنى واليسرى لان الناس يختلفون في التجمل بهذا النوع منهم من يتجمل بالتختم في اليمنى ومنهم من يتجمل به في اليسرى فكان كل ذلك استعمالا ولو جعله في بقية الأصابع فهلك يهلك هلاك الرهن لان التختم بها غير معتاد فكان حفظا لا استعمالا ولو لبس خاتما فوق خاتم فهلك يرجع فيه إلى العرف والعادة فإن كان اللابس ممن يتجمل بخاتمين يضمن لأنه مستعمل له وإن كان ممن لا يتجمل به يهلك بما فيه لأنه حافظ إياه ولو رهنه سيفين فتقلد بهما يضمن ولو كانت السيوف ثلاثة فتقلد بها لم يضمن لان التقلد بسيفين معتاد في الجملة فكان من باب الاستعمال (فأما) بالثلاثة فليس بمعتاد فكان حفظا لا استعمالا وإن كان الرهن طيلسانا أو قباء فلبسه لبسا معتادا يضمن وان جعله على عاتقه فهلك يهلك رهنا لان الأول استعمال والثاني حفظ وله أن يبيع ما يخاف الفساد عليه باذن القاضي لان بيع ما يخاف عليه الفساد من باب الحفظ فله أن يبيعه لكن باذن القاضي له لان له ولاية في مال غيره في الجملة فان باع بغير اذنه ضمن لأنه لا ولاية له عليه وإذا باع بأمر الحاكم كان ثمنه رهنا في يده لأنه بدل المرهون فيكون رهنا وله أن يطالب الراهن بإيفاء الدين مع قيام عقد الرهن إذا لم يكن الدين مؤجلا لان الرهن شرع لتوثيق الدين وليس من الوثيقة سقوط المطالبة بإيفاء الدين ولو طالب المرتهن الراهن بحقه فقال الراهن بعه واستوف حقك فقال المرتهن لا أريد البيع ولكن أريد حقي فله ذلك لان الرهن وثيقة والبيع يخرج عن كونه رهنا فيبطل معنى الوثيقة فله أن يتوثق باستيفائه إلى استيفاء الدين ولو قال الراهن للمرتهن ان جئتك بحقك إلى وقت كذا والا فهو لك بدينك أو بيع بحقك لم يجز وهو رهن على حاله لان هذا تعليق التمليك بالشرط وأنه لا يتعلق بالشرط وليس للقاضي أن يبيع الرهن بدين المرتهن من غير رضا الراهن لكنه يحبس الراهن حتى يبيعه بنفسه عند أبي حنيفة عليه الرحمة وعندهما له أن يبيعه عليه وهي مسألة الحجر على الحر وقد ذكرناها في كتاب الحجر وكذلك ليس للعدل أن يبيع الرهن كما ليس للراهن ولا للمرتهن ذلك والكلام في العدل في ثلاثة مواضع أحدها في بيان ما للعدل أن يفعله في الرهن وما ليس له أن يفعله فيه والثاني في بيان من يصلح عدلا في الرهن ومن لا يصلح والثالث في بيان ما ينعزل به العدل يخرج عن الوكالة ومالا ينعزل (أما) الأول فنقول وبالله التوفيق للعدل أن يمسك الرهن بيده وبيد من يحفظ ماله بيده وليس له أن يدفعه إلى المرتهن بغير اذن الراهن ولا إلى الراهن بغير اذن المرتهن قبل سقوط الدين لان كل واحد منهما لم يرض بيد صاحبه حيث وضعاه في يد العدل؟ ولو دفعه إلى أحدهما من غير رضا صاحبه فلصاحبه أن يسترده ويعيده إلى يد العدل كما كان ولو هلك قبل الاسترداد ضمن العدل قيمته لأنه صار غاصبا بالدفع وليس له أن ينتفع
(١٤٨)