من التجارة ومن عادة التجار أيضا وروى ابن رستم عن محمد انه لا يملك ذلك باطلاق المضاربة لأنه الاذن بالتجارة أعم من المضاربة فلا يستتبع ما هو فوقه وله أن يبيعهم إذا لحقهم دين سواء كان المولى حاضرا أو غائبا لان البيع في الدين من التجارة فلا يقف على حضور المولى ولو جنى عبد المضاربة بأن قتل انسانا خطأ وقيمته مثل مال المضارب بأن كان رأس المال ألف درهم فاشترى بها عبدا قيمته الف فقتل انسانا خطأ لا يخاطب المضارب بالدفع أو الفداء لان الدفع أو الفداء ليس من التجارة ولا ملك أيضا للمضارب في رقبته لانعدام الفعل والتدبير في جنايته إلى رب المال لان رقبته خالص ملكه ولا ملك للمضارب فيها بخلاف عبد المأذون إذا جنى انه يخاطب المأذون بالدفع أو الفداء مع غيبة المولى لان العبد المأذون في التصرف كالحر لأنه يتصرف لنفسه كالحر بدليل انه لا يرجع بالعهدة على المولى ولو كان متصرفا للمولى لرجع بالعهدة عليه فلما لم يرجع دل انه يتصرف لنفسه وإنما يظهر حق المولى في كسبه عند فراغه عن حاجته فإذا تعلقت الجناية برقبته صارت مشغولة فلا يظهر حق المولى فيخاطب بالدفع كالحر (فأما) المضارب فإنه وكيل رب المال في التصرف حتى يرجع بالعهدة عليه والوكيل بالشراء لا يخاطب بحكم الجناية فهو الفرق بين المسئلتين فان اختار رب المال الدفع واختار المضارب الفداء فله ذلك لأنه بالفداء يستبقى مال المضاربة وله فيه فائدة في الجملة لتوهم الربح ولو دفع رب المال أو فدى خرج العبد من المضاربة (أما) إذا دفع فلا شك فيه لان بالدفع زال ملكه لا إلى بدل فصار كأنه هلك وإذا فدى فقد لزمه ضمان ليس من مقتضيات المضاربة ولان اختيار الفداء دليل رغبته في عين العبد فلا يحصل المقصود من العقد وهو الربح لان ذلك بالبيع ولو كان قيمة العبد ألفين فجنى جناية خطأ لا يخاطب المضارب بالدفع أو الفداء إذا كان رب المال غائبا لما قلنا وليس لأصحاب الجناية على المضارب ولا على الغلام سبيل الا أن لهم أن يستوثقوا من الغلام بكفيل إلى أن يقدم المولى وكذا لا يخاطب المولى بالدفع أو الفداء إذا كان المضارب غائبا وليس لأحدهما أن يفدى حتى يحضرا جميعا فان فدى كان متطوعا بالفداء فإذا حضرا دفعا أو فديا فان دفعا فليس لهما شئ وان فديا كان الفداء عليهما أرباعا وخرج العبد من المضاربة وهذا قول أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف حضور المضارب ليس بشرط ويخاطب المولى بحكم الجناية (وجه) قوله إن نصيب المضارب لم يتعين في الربح لعدم تعيين رأس المال لان التعيين بالقسمة ولم توجد فبقي المال على حكم ملك رب المال فكان هو المخاطب بحكم الجناية فلا يشترط حضور المضارب (ولهما) انه إذا كان في المضاربة فضل كان للمضارب ملك في العبد ولهذا لو أعتقه نفذ اعتاقه في نصيبه وإذا كان له نصيب في العبد كان فداء نصيبه عليه فلا بد من حضوره (وأما) قوله إن حقه لم يتعين في الربح لعدم تعيين رأس المال فممنوع بل تعين ضرورة لزوم الفداء في نصيبه ولا يلزم الا بتعيين حقه ولا يتعين حقه الا بتعيين رأس المال ولا يتعين رأس المال الا بالقسمة فثبتت القسمة ضرورة فان اختار أحدهما الدفع والاخر الفداء فلهما ذلك لان كل واحد منهما مالك لنصيبه فصار كالعبد المشترك غير أن في العبد المشترك إذا حضر أحد الشريكين وغاب الآخر يخاطب الآخر بحكم الجناية من الدفع أو الفداء وههنا لا يخاطب واحد منهما ما لم يحضرا جميعا لان تصرف أحدهما يتضمن قسمة لان المال لا يبقى على المضاربة بعد الدفع أو الفداء والقسمة لا تصح الا بحضرتهما والدفع أو الفداء من أحد الشريكين لا يتضمن قسمة ولا حكما في حق الشريك الآخر فلا يقف على حضوره وهذا بخلاف العبد المرهون إذا كانت قيمته أكثر من الدين فجنى جناية خطأ انه يخاطب الراهن والمرتهن بحكم الجناية فان اختار أحدهما الدفع والآخر الفداء لم يكن لهما ذلك ويلزمهما أن يجتمعا على أحد الامرين لان الملك هناك واحد فاختلاف اختيار هما يوجب تبعيض موجب الجناية في حق مالك واحد وهذا لا يجوز كالعبد الذي ليس برهن وهنا مالك العبد اثنان فلو اختلف اختيارهما لا يوجب ذلك تبعيض موجب الجناية في حق مالك واحد وقد قالوا إذا غاب أحدهما وادعيت الجناية على العبد لم تسمع البينة حتى يحضر الان كل واحد منهما له حق العبد فكان التدبير في الجناية إليهما فلا يجوز سماع البينة على أحدهما مع غيبة الآخر وإنما أخذ بالعبد كفيل لأنه يؤمن عليه أن يغيب فيسقط
(٨٩)