الايداع من عادة التجار ومن ضرورات التجارة أيضا لأنه لا بد للتاجر منه لأنه يحتاج إلى ذلك عند اعتراض أحوال تقع عادة لان له أن يستحفظ المودع بأجر فبغير أجر أولى وليس له أن يشارك الا أن يؤذن له بذلك لان الشئ لا يستتبع مثله فان شارك رجلا شركة عنان فما اشتراه الشريك فنصفه له ونصفه للشريكين لأنه إن كان لا يملك الشركة في حق الشريك يملك التوكيل وعقد الشركة يتضمن التوكيل فكان نصف ما اشتراه بينهما وان اشترى الشريك الذي لم يشارك فما اشتراه يكون بينه وبين شريكه نصفين ولا شئ للأجنبي فيه لأنه لم يوكله فبقي ما اشتراه على حكم الشركة وقال الحسن بن زياد إذا شارك أحد شريكي العنان رجلا شركة مفاوضة بغير محضر من شريكه لم تكن مفاوضة وكانت شركة عنان لان المفاوضة تقتضي فسخ شركة العنان لان المفاوض يجب أن يكون شريكه في كل المال وذلك لا يصح في حق شريكه فكان ذلك فسخا للشركة وهو لا يملك الفسخ مع غيبته وإن كان بمحضر من صاحبه صحت المفاوضة وذلك ابطال لشركة العنان لأنه يملك فسخ الشركة مع حضور صاحبه وليس له أن يخلط مال الشركة بمال له خاصة لان الخلط ايجاب حق في المال فلا يجوز الا في القدر الذي رضى به رب المال وهل له أن يدفع مال الشركة مضاربة ذكر محمد في الأصل عن أبي حنيفة انه له ذلك وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه ليس له ذلك (وجه) رواية الحسن ان المضاربة توع شركة لان رب المال مع المضارب يشتركان في الربح وهو لا يملك الشركة باطلاق العقد فلا يملك المضاربة (وجه) ظاهر الرواية انه يملك أن يستأجر أجيرا يعمل في مال الشركة فلان يملك الدفع مضاربة أولى لان الأجير يستحق الاجر سواء حصل في الشركة ربح أولم يحصل والمضارب لا يستحق شيئا بعمله الا إذا كان في المضاربة ربح فلما ملك الاستئجار فلان يملك الدفع مضاربة أولى والاستدلال بالشركة غير سديد لان الشركة فوق المضاربة لأنها توجب الشركة في الأصل والفرع والمضاربة توجب الشركة في الفرع لا في الأصل والشئ يستتبع ما هو دونه ولا يستتبع ما هو فوقه أو مثله ولهذا لا يملك المضارب أن يدفع المال مضاربة بمطلق العقد لان المضاربة مثل المضاربة ويملك التوكيل لأنه دون المضاربة والوكيل لا يملك أن يوكل غيره باطلاق الوكالة لان الوكالة مثل الوكالة وله أن يعمل في مال الشركة كل ما للمضارب أن يعمله في مال المضاربة وسنذكره في كتاب المضاربة إن شاء الله تعالى لان تصرف الشريك أقوى من تصرف المضارب وأعم منه فما كان للمضارب أن يعمل فالشريك أولى وله أن يأخذ مالا مضاربة ويكون ربحه له خاصة لان المضارب يستحق الربح بعمله فيختص به كما لو آجر نفسه وله أن يوكل بالبيع والشراء استحسانا والقياس أن لا يجوز لان شريكه رضى برأيه ولم يرض برأي غيره (وجه) الاستحسان ان الشركة تنعقد على عادة التجار والتوكيل بالبيع والشراء من عاداتهم ولأنه من ضرورات التجارة لان التاجر لا يمكنه مباشرة جميع التصرفات بنفسه فيحتاج إلى التوكيل فكان التوكيل من ضرورات التجارة بخلاف الوكيل بالشراء لأنه لا يملك أن يوكل غير لأنه لا يملك جميع التصرفات بل لا يملك الا الشراء فيمكنه مباشرته نفسه فلا ضرورة إلى أن يوكل غيره ولان الشركة أعم من الوكالة والوكالة أخص منها والشئ يستتبع دونه ولا يستتع مثله وبخلاف ما إذا كانا شريكين في خادم أو ثوب خاصة انه ليس لأحدهما أن يوكل رجلا ببيعه وان وكل لم يجز في حصة صاحبه لان ذلك شركة ملك وكل واحد من الشريكين في شركة الاملاك أجنبي عن صاحبه محجور عن التصرف في نصيبه لانعدام المطلق للتصرف وهو الملك والولاية على ما بينا فيما تقدم وله أن يوكل وكيلا ويدفع إليه مالا ويأمره أن ينفق على شئ من تجارتهما والمال من الشركة لما قلنا إن الشريك يملك التوكيل فكان تصرفه كتصرف الموكل فان أخرج الشريك الآخر الوكيل يخرج من الوكالة إن كان في بيع أو شراء أو إجارة لان كل واحد منهما لما ملك التوكيل على صاحبه ملك العزل عليه ولان الموكل وكيل لشريكه فإذا وكل كان لموكل أن يعزل وكيله وإن كان وكيلا في تقاضى ما داينه فليس للآخر اخراجه لأنه لا يملك ان يوكل شريكه فلا يملك أن يعزل وكيله عنه وله أن يستأجر أجيرا لشئ من تجارتهما لان الإجارة من التجارة حتى يملكها المأذون في التجارة وهو من عادات التجار
(٦٩)