الآخر ويكون كل واحد منهما فيما وجب على صاحبه بمنزلة الكفيل عنه لما نذكر فلا بد من أهلية الكفالة وشرائط أهلية الكفالة تطلب من كتاب الكفالة (ومنها) المساواة في رأس المال قدرا وهي شرط صحة المفاوضة بلا خلاف حتى لو كان المالان متفاضلين قدرا لم تكن مفاوضة لان المفاوضة تنبئ عن المساواة فلا بد من اعتبار المساواة فيها ما أمكن وكذا قيمة في الرواية المشهورة حتى لو كان أحدهما صحاحا والآخر مسكرة أو كان أحدهما ألفا بيضاء الآخر ألفا سوداء وبينهما فضل قيمة في الصرف لم تجز المفاوضة في الرواية المشهورة لان زيادة القيمة بمنزلة زيادة الوزن فلا تثبت المساواة التي هي من مقتضى العقد وروى إسماعيل بن حماد عن أبي يوسف ان احدى الألفين إذا كانت أفضل من الأخرى جاز وكانت مفاوضة لان الجودة في أموال الربا لا قيمة لها شرعا عند مقابلتها بجنسها فسقط اعتبار الجودة فصار كأنهما على صفة واحدة وهل تشترط المجانسة في رأس المال بأن يكون كل واحد منهما دراهم أو يكون كل واحد منهما دنانير فعلى الرواية المشهورة لا تشترط حتى لو كان أحدهما دراهم والآخر دنانير جازت المفاوضة في الرواية المشهورة بعدان استويا في القيمة ولا خلاف في أنهما إذا لم يستويا في القيمة لم تكن مفاوضة وروى عن أبي حنيفة عليه الرحمة انه لا تكون مفاوضة وان استويا في القيمة (وجه) هذه الرواية ان عند اختلاف الجنس لا تعرف المساواة بينهما في القيمة لان القيمة تعرف بالحزر والظن وتختلف باختلاف المقومين فلا تعرف بالمساواة والصحيح هو الرواية المشهورة لأنها من جنس الأثمان فكانت المجانسة ثابتة في الثمنية (ومنها) أن لا يكون لا حد المتفاوضين ما تصح فيه الشركة ولا يدخل في الشركة فإن كان لم تكن مفاوضة لان ذلك يمنع المساواة وان تفاضلا في الأموال التي لا تصح فيها الشركة كالعروض والعقار والدين جازت المفاوضة وكذا المال الغائب لان مالا تنعقد عليه الشركة كان وجوده والعدم بمنزلة وكان التفاضل فيه كالتفاضل في الأزواج والأولاد (ومنها) المساواة في الربح في المفاوضة فان شرطا التفاضل في الربح لم تكن مفاوضة لعدم المساواة (ومنها) العموم في المفاوضة وهو أن يكون في جميع التجارات ولا يختص أحدهما بتجارة دون شريكه لما في الاختصاص من ابطال معنى المفاوضة وهو المساواة وعلى هذا يخرج قول أبي حنيفة ومحمد عليهما الرحمة انه لا تجوز المفاوضة بين المسلم وبين الذمي لان الذمي يختص بتجارة لا يجوز ذلك للمسلم وهي التجارة في الخمر والخنزير فلم يستويا في التجارة فلا يتحقق معنى المفاوضة وعند أبي يوسف يجوز لاستوائهما في أهلية الوكالة والكفالة وتجوز مفاوضة الذميين لاستوائهما في التجارة (وأما) مفاوضة المسلم والمرتد ذكر الكرخي انها غير جائزة وكذا روى عيسى بن أبان عن أبي حنيفة رحمه الله لان تصرفات المرتد متوقفة عنده لوقوف أملاكه فلا يساوى المسلم في التصرف فلا تجوز كما لا تجوز بين المسلم والذمي وذكر محمد في الأصل وقال قياس قول أبى يوسف انه يجوز يعنى قياس قوله في الذمي ولأبي يوسف انه يفرق بينهما من حيث إن ملك المرتد ناقص لكونه على شرف الزوال ألا ترى ان قاضيا لو قضى ببطلان تصرفه وزوال ملكه ينفذ قضاؤه وإذا كان ناقص الملك والتصرف نزل منزلة المكاتب بخلاف الذمي ولو فاوض مسلم مرتدة ذكر الكرخي انها لا تجوز وقال القدوري رحمه الله وهو ظاهر على أصل أبي حنيفة ومحمد لان الكفر عند هما يمنع انعقاد المفاوضة بين المسلم والكافر (وأما) أبو يوسف فالكفر عنده غير مانع وإنما المانع نقصان الملك والتصرف وهذا لا يوجد في المرأة وأما مفاوضة المرتدين أو شركتهما شركة العنان فذلك موقوف عند أبي حنيفة على ما أصله في عقود المرتد انها موقوفة فان أسلما جاز عقدهما وان قتلا على ردتهما أو ماتا أو لحقا بدار الحرب بطل (وأما) على قولهما فشركة العنان جائزة لان عقود هما نافذة (وأما) مفاوضتهما فقد ذكر القدوري رحمه الله وقال ينبغي أن لا يجوز أما عند أبي يوسف فلان نقصان الملك يمنع المفاوضة كالمكاتب وملكهما ناقص لما ذكرنا فصارا كالمكاتبين (وأما) عند محمد فلان المرتد عنده بمنزلة المريض مرض الموت كفالة المريض مرض الموت لا تصح الا من الثلث والمفاوضة تقتضي جواز الكفالة على الاطلاق وان شارك مسلم مسلما ثم ارتد أحدهما فان قتل أو مات أو لحق بدار الحرب بطلت الشركة وان رجع قبل ذلك فهما
(٦١)