المحمول فعيل بمعنى المفعول كالقتيل بمعنى المقتول وانه ينبئ عن تحمل الضمان وقوله على كلمة ايجاب وكذا قوله إلى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ترك مالا فلورثته ومن ترك دينا فإلى وعلى وقوله قبلي ينبئ عن القبالة وهي الكفالة على ما ذكرنا وقوله عندي وإن كانت مطلقة للوديعة لكنه بقرينة الدين يكون كفالة لان قوله عندي يحتمل اليد ويحتمل الذمة لأنها كلمة قرب وحضرة وذلك يوجد فيها جميعا فعند الاطلاق يحمل على اليد لأنه أدنى وعند قرينة الدين يحمل على الذمة أي في ذمتي لان الدين لا يحتمله الا الذمة (وأما) القبول من الطالب فهو أن يقول قبلت أو رضيت أو هويت أو ما يدل على هذا المعنى ثم ركن الكفالة في الأصل لا يخلو عن أربعة أقسام اما أن يكون مطلقا أو مقيدا بوصف أو معلقا بشرط أو مضافا إلى وقت فإن كان مطلقا فلا شك في جوازه إذا استجمع شرائط الجواز وهي ما نذكر إن شاء الله تعالى غير أنه إن كان الدين على الأصيل حالا كانت الكفالة حالة وإن كان الدين عليه مؤجلا كانت الكفالة مؤجلة لان الكفالة بمضمون على الأصيل فتتقيد بصفة المضمون (وأما) المقيد فلا يخلو اما إن كان مقيدا بوصف التأجيل أو بوصف الحلول فإن كانت الكفالة مؤجلة فإن كان التأجيل إلى وقت معلوم بأن كفل إلى شهر أو سنة جاز ثم إن كان الدين على الأصيل موجلا إلى أجل مثله يتأجل إليه في حق الكفيل أيضا وان سمى الكفيل أجلا أزيد من ذلك أو أنقص جاز لان المطالة حق الطالب فله أن يتبرع على كل واحد منهما بتأخير حقه وإن كان الدين عليه حالا جاز التأجيل إلى الأجل المذكور ويكون ذلك تأجيلا في حقهما جميعا في ظاهر الرواية وروى ابن سماعة عن محمد أنه يكون تأجيلا في حق الكفيل خاصة (وجه) هذه الرواية ان الطالب خص الكفيل بالتأجيل فيخص به كما إذا كفل حالا أو مطلقا ثم أخر عنه بعد الكفالة (وجه) ظاهر الرواية ان التأجيل في نفس العقد يجعل الأجل صفة للدين والدين واحد وهو على الأصيل فيصير مؤجلا عليه ضرورة بخلاف ما إذا كان بعد تمام العقد لان التأجيل المتأخر عن العقد يؤخر المطالبة وقد خص به الكفيل فلا يتعدى إلى الأصيل ولو كان الدين على الأصيل مؤجلا إلى سنة فكفل به مؤجلا إلى سنة أو مطلقا ثم مات الأصيل قبل تمام السنة يحل الدين في ماله وهو على الكفيل إلى أجله وكذا لو مات الكفيل دون الأصيل يحل الدين في مال الكفيل وهو على الأصيل إلى أجله لان المبطل للأجل وجد في حق أحدهما دون الآخر وإن كان التأجيل إلى وقت مجهول فإن كان يشبه آجال الناس كالحصاد والدياس والنيروز ونحوه فكفل إلى هذه الأوقات جاز عند أصحابنا وعند الشافعي رحمه الله لا يجوز (وجه) قوله إن هذا عقد إلى أجل مجهول فلا يصح كالبيع (ولنا) أن هذا ليس بجهالة فاحشة فتحملها الكفالة وهذا لان الجهالة لا تمنع من جواز العقد لعينها بل لا فضائها إلى المنازعة بالتقديم والتأخير وجهالة التقديم والتأخير لا تفضى إلى المنازعة في باب الكفالة لأنه يسامح في أخذ العقد مالا يسامح في غيره لامكان استيفاء الحق من جهة الأصيل بخلاف البيع ولان الكفالة جوازها بالعرف والكفالة إلى هذه الآجال متعارفة ولو كانت الكفالة حالة فاخر إلى هذه الأوقات جاز أيضا ما ذكرنا وإن كان لا يشبه آجال الناس كمجئ المطر وهبوب الريح فالاجل باطل والكفالة صحيحة لأن هذه جهالة فاحشة فلا تتحملها الكفالة فلم يصح التأجيل فبطل وبقيت الكفالة صحيحة وكذا لو كان على رجل دين فأجله الطالب إلى هذه الأوقات جاز وإن كان ثمن مبيع ولا يوجب ذلك فساد البيع لان تأجيل الدين ابتداء بمنزلة التأخير في الكفالة وذا لا يؤثر في البيع فكذا هذا هذا إذا كانت الكفالة مؤجلة فأما إذا كانت حالة فان شرط الطالب الحلول على الكفيل جاز سواء كان الدين على الأصيل حالا أو مؤجلا لما ذكرنا أن المطالبة حق المكفول له فيملك التصرف فيه بالتعجيل والتأجيل ولو كفل حالا ثم أجله الطالب بعد ذلك يتأخر في حق الكفيل إذا قبل التأخير دون الأصل بخلاف ما إذا كان التأجيل في العقد لما ذكرنا من الفرق ولو كان الدين على الأصل حالا فأخره الطالب إلى مدة وقبله المطلوب جاز التأخير ويكون تأخيرا في حق الكفيل هذا إذا كانت الكفالة مقيدة بوصف فأما إذا كانت معلقة بشرط فإن كان المذكور شرطا سببا لظهور
(٣)