تتجزأ وذكر بعض ما لا يتجزأ شرعا ذكر لكله كما في الطلاق والعتاق وإذا أضافها إلى اليد أو الرجل ونحوهما من الاجزاء المعينة لا تجوز لأن هذه الأعضاء لا يعبر بها عن جميع البدن وهي في حكم الكفالة متجزئة فلا يكون ذكرها ذكرا لجميع البدن كما في الطلاق والعتاق ولو قال في الكفالة بالنفس هو على جاز لان هذا صريح في التزام تسليم النفس وكذا إذا قال أنا ضامن لوجهه لان الوجه جزء جامع ولو قال انا ضامن لمعرفته لا تصح لان المعرفة لا تحتمل أن تكون مضمونة على الأصيل ولو قال للطالب أنا ضامن لك لم يصح لان المضمون غير معلوم أصلا ثم ما ذكرنا من الكفالة بالنفس والعين والفعل انها صحيحة وما ذكرنا من التفريعات عليها مذهب أصحابنا وقال الشافعي رحمه الله انها غير صحيحة (وجه) قوله إن الكفالة أضيفت إلى غير محلها فلا تصح ودلالة ذلك ان الكفالة التزام الدين فكان محلها الدين فلم توجد والتصرف المضاف إلى غير محله باطل ولان القدرة على تسليم المكفول به شرط جواز الكفالة والقدرة على الاعتاق لا تتحقق (ولنا) قوله عز وجل ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم أخبر الله عز شأنه عن الكفالة بالعين عن الأمم السالفة ولم يغير والحكيم إذا حكى عن منكر غيره ولان هذا حكم لم يعرف له مخالف من عصر الصحابة والتابعين إلى زمن الشافعي رحمه الله فكان الانكار خروجا عن الاجماع فكان باطلا ولما ذكرنا ان هذه الكفالة أضيفت إلى مضمون على الأصيل مقدور الاستيفاء من الكفيل فتصح أصله الكفالة بالدين وقوله الكفالة التزام الدين ممنوع بل هي التزام المطالبة بمضمون على الأصيل وقد يكون ذلك دينا وقد يكون عينا والعين مقدورة التسليم في حق الأصيل كالدين عبد مقر بالرق في يد رجل فأخذ منه المولى كفيلا بنفسه فأبق فهو باطل لأنه كفل بما ليس بمضمون وكذا لو كفل بعد إباقه لما قلنا وكذا لو ادعى رجل على إنسان انه عبده وأنكر المدعى عليه زعم أنه حر وكفل رجل بنفسه حتى لو أقام البينة على أنه عبده فمات المدعى عليه لا شئ على الأصيل لما ذكرنا ولو كان المدعى في يد ثالث فقال أنا ضامن لك قيمة هذا ان استحقيته صحت الكفالة حتى لو أقام البينة على أنه عبده فمات المدعى عليه فالكفيل ضامن كل قيمته لان بإقامة البينة تبين انه كفل بمضمون صبي في يد رجل يدعى انه ابنه وادعى رجل آخر انه عبده فضمن له انسان فأقام المدعى البينة وقد مات الصبي فالكفيل ضمان لما ذكرنا أنه لما قامت البينة تبين انه كفيل بمضمون وعن محمد فيمن ادعى على إنسان انه غصبه عبدا فقبل أن يقيم البينة قال رجل أنا ضامن بالعبد الذي يدعى فهو ضامن حتى يأتي بالعبد فيقيم البينة عليه لأنه كفل بمضمون على الأصيل وهو احضاره مجلس القاضي فان هلك واستحقه بينة فهو ضامن لقيمته لأنه تبين انه كفل بمضمون بعين مضمون بنفسه ولو ادعى انه غصبه ألف درهم واستهلكها أو عبدا ومات في يده فقال رجل خله فأنا ضامن المال أو لقيمة العبد فهو ضامن يأخذه به من ساعته ولا يقف على إقامة البينة لان بقوله أنا ضامن لقيمة العبد أقر بكون القيمة واجبة على الأصيل فقد كفل بمضمون على الأصيل فلا يقف على البينة بخلاف الفصل الأول لان هناك ما عرف وجوب القيمة باقراره بل بإقامة البينة فتوقف عليها والنوع الثاني أن يكون المكفول به مقدور الاستيفاء على الكفيل ليكون العقد مفيدا فلا تجوز الكفالة بالحدود والقصاص لتعذر الاستيفاء من الكفيل فلا تفيد الكفالة فائدتها وههنا شرط ثالث لكنه يخص الدين وهو أن يكون لازما فلا تصح الكفالة عن المكاتب لمولاه ببدل الكتابة لأنه ليس بدين لازم لان المكاتب يملك اسقاط الدين عن نفسه بالتعجيز لا بالكسب بمضمون وتجوز الكفالة بنفس من عليه القصاص في النفس وما دونها وبحد القذف والسرقة إذا بذلها المطلوب فأعطاه بها كفيلا بلا خلاف بين أصحابنا وهو الصحيح لأنه كفالة بمضمون على الأصيل مقدور الاستيفاء من الكفيل فتصح كالكفالة بتسليم نفس من عليه الدين وإنما الخلاف انه إذ امتنع من اعطاء الكفيل عند الطلب هل يجبره القاضي عليه قال أبو حنيفة لا يجبره وقال أبو يوسف ومحمد يجبره (وجه) قولهما ان نفس من عليه القصاص والحد مضمون التسليم عليه عند الطلب كنفس من عليه الدين ثم تصح الكفالة بنفس من عليه الدين ويجبر عليها عند الطلب فكذا هذا ولأبي حنيفة ان الكفالة شرعت
(٨)