صح من غير أجل لان بيان الأجل للتحرز عن الجهالة المفضية إلى المنازعة والجهالة في باب العارية لا تفضي إلى المنازعة لأنها عقد جائز غير لازم ولهذا المعنى الا يملك الإجارة لأنها عقد لازم والإعارة عقد غير لازم فلو ملك الإجارة لكان فيه اثبات صفة اللزوم بما ليس بلازم أو سلب صفة اللزوم عن اللازم وكل ذلك باطل وقوله المنافع منعدمة عند العقد قلنا نعم لكن هذا لا يمنع جواز العقد كما في الإجارة وهذا لأن العقد الوارد على المنفعة عندنا عقد مضاف إلى حين وجود المنفعة فلا ينعقد في حق الحكم الا عند وجود المنفعة شيئا فشيئا على حسب حدوثها فلم يكن بيع المعدوم ولا بيع ما ليس عند الانسان وعلى هذا تخرج إعارة الدراهم والدنانير انها تكون قرضا لا إعارة لان الإعارة لما كانت تمليك المنفعة أو إباحة المنفعة على اختلاف الأصلين ولا يمكن الانتفاع الا باستهلاكها ولا سبيل إلى ذلك الا بالتصرف في العين لا في المنفعة ولا يمكن تصحيحا إعارة حقيقية فتصحح قرضا مجاز الوجود معنى الإعارة فيه حتى لو استعار حليا ليتجمل به صح لأنه يمكن الانتفاع به من غير استهلاك بالتجمل فأمكن العمل بالحقيقة فلا ضرورة إلى الحمل على المجاز وكذا إعارة كل مالا يمكن الانتفاع به الا باستهلاكه كالمكيلات والموزونات يكون قرضا لا إعارة لما ذكرنا ان محل حكم الإعارة المنفعة لا بالعين الا إذا كان ملحقا بالمنفعة عرفا وعادة كما إذا منح انسانا شاة أو ناقة لينتفع بلبنها ووبرها مدة ثم يردها على صاحبها لان ذلك معدود من المنافع عرفا وعادة فكان له حكم المنفعة وقد روى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال هل من أحد يمنح من إبله ناقة أهل بيت لادر لهم وهذا يجرى الترغيب كمن منح منحة ورق أو منحة لبس كان له بعدل رقبة وكذا لو منح جد يا أو عناقا كان عارية لأنه يعرض أن ينتفع بلبنه وصوفه ويتصل بهذا الفصل بيان ما يملكه المستعير من التصرف في المستعار ومالا يملكه فنقول وبالله التوفيق جملة الكلام فيه ان عقد الإعارة لا يخلو من أحد وجهين اما إن كان مطلقا واما إن كان مقيدا فإن كان مطلقا بان أعار دابته انسانا ولم يسم مكانا ولا زمانا ولا الركوب ولا الحمل فله ان يستعملها في أي مكان وزمان شاء وله ان يركب أو يحمل لان الأصل في المطلق أن يحرى على اطلاقه وقد ملكه منافع العارية مطلقا فكان له أن يستوفيها على الوجه الذي ملكها الا أنه لا يحمل عليها ما يعلم أن مثلها لا يطيق بمثل هذا الحمل ولا يستعملها ليلا ونهارا ما لا يستعمل مثلها من الداب لذلك عادة حتى لو فعل فعطبت يضمن لأن العقد وان خرج مخرج الاطلاق لكن المطلق يتقيد بالعرف والعادة دلالة كما يتقيد نصا وله أن يعير العارية عندنا سواء كانت العارية مما يتفاوت في استيفاء المنفعة أو لا لأن اطلاق العقد يقتضى ثبوت الملك للمستعير فكان هو في التمليك من غيره على الوجه الذي ملكه متصرفا في ملك نفسه الا أنه لا يملك الإجارة لما قلنا فان آجر وسلم إلى المستأجر ضمن لأنه دفع مال الغير إليه بغير اذنه فصار غاصبا فان شاء ضمنه وان شاء ضمن المستأجر لأنه قبض مال الغير بغير اذنه كالمشترى من الغصب الا أنه إذا ضمن المستعير لا يرجع بالضمان على المستأجر لأنه ملكه بأداء الضمان فتبين أنه آجر ملك نفسه وان ضمن المستأجر فإن كان عالما بكونها عارية في يده لا يرجع على المستعير وان لم يكن عالما بذلك يرجع عليه لأنه إذا لم يعلم به فقد صار مغرورا من جهة فلا يرجع عليه وهل يملك الايداع اختلف المشايخ فيه قال مشايخ العراق يملك وهو قول بعض مشايخنا لأنه يملك الإعارة فالايداع أولى لأنها دون الإعارة وقال بعضهم لا يملك استدلالا بمسألة مذكورة في الجامع الصغير وهو أن المستعير إذا رد العارية على يد أجنبي ضمن ومعلوم أن الرد على يده ايداع إياه ولو ملك الايداع لما ضمن وإن كان مقيدا فيراعى فيه القيد ما أمكن لان أصل اعتبار تصرف العاقل على الوجه الذي تصرف الا إذا لم يمكن اعتباره لعدم الفائدة ونحو ذلك فلغا الوصف لان ذلك يجرى مجرى العبث ثم إنما يراعى القيد فيما دخل لا فيما لم يدخل لأن المطلق إذا قيد ببعض الأوصاف يبقي مطلقا فيما وراءه فيراعى عند الاطلاق فيما وراءه بيان هذه الجملة في مسائل إذا أعار انسانا دابة على أن يركبها المستعير بنفسه ليس له أن يعيرها من غيره وكذلك إذا أعاره ثوبا
(٢١٥)