بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ٢٠١
ذكرنا حال ما قبل الاخذ وأما حال ما بعده فلما بعد الاخذ حالان في حال هي أمانة وفى جال هي مضمونة أما حالة الأمانة فهي أما يأخذها لصاحبها لأنه أخذها على سبيل الأمانة فكانت يده يد أمانة كيد المودع وأما حالة الضمان فهي أن يأخذها لنفسه لان المأخوذ لنفسه مغصوب وهذا لا خلاف فيه وإنما الخلاف في شئ آخر وهو أن جهة الأمانة إنما تعرف من جهة الضمان اما بالتصديق أو بالاشهاد عند أبي حنيفة وعند هما بالتصديق أو باليمين حتى لو هلكت فجاء صاحبها وصدقه في الاخذ له يجب عليه الضمان بالاجماع وان لم يشهد لان جهة الأمانة قد ثبتت بتصديقه وان كذبه في ذلك فكذا عند أبي يوسف ومحمد أشهد أولم يشهد ويكون القول قول الملتقط مع يمينه وأما عند أبي حنيفة فان أشهد فلا ضمان عليه لأنه بالاشهاد ظهر أن الاخذ كان لصاحبه فظهر أن يده يد أمانة وان لم يشهد يجب عليه الضمان ولو أقر الملتقط أنه أخذها لنفسه يجب عليه الضمان لأنه أقر بالغصب والمغصوب مضمون على الغاصب وجه قولهما أن الظاهر أنه أخذه لا لنفسه لان الشرع إنما مكنه من الاخذ بهذه الجهة فكان اقدامه على الاخذ دليلا على أنه أخذ بالوجه المشروع فكان الظاهر شاهدا له فكان القول قوله ولكن مع الحلف أن القول قول الأمين مع اليمين ولأبي حنيفة رحمه الله وجهان أحدهما أن أخد مال الغير بغير اذنه سبب لوجوب الصمان في الأصل الا أنه إذا كان الاخذ على سبيل الأمانة بان أخذه لصاحبه فيخرج من أن يكون سببا وذلك إنما يعرف بالاشهاد فإذا لم يشهد لم يعرف كون الاخذ لصاحبه فبقي الاخذ سببا في حق وجوب الضمان على الأصل والثاني أن الأصل ان عمل كل انسان له لا لغيره بقوله سبحانه وتعالى وأن ليس للانسان الا ما سعى وقوله تعالى لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت فكان أخذه اللقطة في الأصل لنفسه لا لصاحبها وأخذ مال الغير بغير اذنه لنفسه سبب لوجوب الضمان لأنه غصب وإنما يعرف الاخذ لصاحبها بالاشهاد فإذا لم يوجد تعين أن الاخذ لنفسه عليه الضمان ولو أخذ اللقطة ثم ردها إلى مكانها الذي أخذها منه لا ضمان عليه في ظاهر الرواية وكذا نص عليه محمد في الموطأ وبعض مشايخنا رحمهم الله قالوا هذا الجواب فيما إذا رفعها ولم يبرح عن ذلك المكان حتى وضعها في موضعها فاما إذا ذهب بها عن ذلك المكان ثم ردها إلى مكانها يضمن وجواب ظاهر الرواية مطلق عن هذا التفصيل مستغن عن هذا التأويل وقال الشافعي رحمه الله يضمن ذهب عن ذلك المكان أولم يذهب وجه قوله أنه لما أخذها من مكانها فقد التزم حفظها بمنزلة قبول الوديعة فإذا ردها إلى مكانها فقد ضيعها بتر ك الحفظ الملتزم فأشبه الوديعة إذا ألقاها المودع على قارعة الطريق حتى ضاعت (ولنا) أنه أخذها محتسبا متبرعا ليحفظها على صاحبها فإذا ردها إلى مكانها فقد فسخ التبرع من الأصل فصار كأنه لم يأخذها أصلا وبه تبين أنه لم يلزم الحفظ وإنما تبرع به وقد رده بالرد إلى مكانها فارتد وجعل كان لم يكن هذا إذا كان أخذها لصاحبها ثم ردها إلى مكانها فضاعت وصدقه صاحبها فيه أو كذبه لكن الملتقط قد كان أشهد على ذلك فإن كان لم يشهد يجب عليه الضمان عند أبي حنيفة وعندهما لا يجب أشهد أولم يشهد ويكون القول قوله مع يمينه أنه أخذها لصاحبها على ما ذكرنا ثم تفسير الاشهاد على اللقطة أن يقول الملتقط بمسمع من الناس انى التقطت لقطة أو عندي لقطة فأي الناس أنشدها فدلوه على أو يقول عندي شئ فمن رأيتموه يسأل شيئا فدلوه على فإذا قال ذلك ثم جاء صاحبها فقال الملتقط قد هلكت كان القول قوله ولا ضمان عليه بالاجماع وإن كان عنده عشر لقطات لان اسم الشئ واللقطة منكرا إن كان يقع على شئ واحد ولقطة واحدة لغة لكن في مثل هذا الموضع يراد بها كل الجنس في العرف والعادة لافرد من الجنس إذ المقصود من التعريف ايصال الحق إلى المستحق ومطلق الكلام ينصرف إلى المتعارف والمعتاد فكان هذا اشهادا على الكل بدلالة العرف والعادة ولو أقر أنه كان أخذها لنفسه لا يبرأ عن الضمان الا بالرد على المالك لأنه ظهر انه أخذها غصبا فكان الواجب عليه الرد إلى المالك لقوله عليه الصلاة والسلام على اليد ما أخذت حتى ترده فإذا عجز عن رد العين يجب عليه بدلها كما في الغصب وكذلك إذا أخذ الضالة أرسلها إلى مكانها الذي أخذها منه فحكمها حكم اللقطة لان هذا أحد نوعي اللقطة وقد روينا في هذا الباب عن سيد نا عمر رضى
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الكفالة 2
2 فصل وأما شرائط الكفالة 5
3 فصل وأما بيان حكم الكفالة 10
4 فصل وأما بيان ما يخرج به الكفيل عن الكفالة 11
5 فصل وأما رجوع الكفيل 13
6 فصل وأما ما يرجع به الكفيل 15
7 كتاب الحوالة 15
8 فصل وأما بيان حكم الحوالة 17
9 فصل وأما بيان ما يخرج به المحال عليه من الحوالة 18
10 فصل وأما بيان الرجوع 19
11 كتاب الوكالة 19
12 فصل وأما بيان ركن التوكيل 20
13 فصل وأما الشرائط فأنواع 20
14 فصل وأما بيان حكم التوكيل 24
15 فصل الوكيلان هل ينفرد أحدهما بالتصرف فيما وكلابه 36
16 فصل وأما بيان ما يخرج به الوكيل عن الوكالة 37
17 كتاب الصلح 39
18 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 40
19 فصل وأما الشرائط التي ترجع إلى المصالح عليه فأنواع 42
20 فصل وأما الذي يرجع إلى المصالح عنه فأنواع 48
21 فصل وأما بيان حكم الصلح الخ 53
22 فصل وأما بيان ما يبطل به الصلح 54
23 فصل وأما بيان حكم الصلح 55
24 كتاب الشركة 56
25 فصل وأما بيان جواز هذه الأنواع الثلاثة 57
26 فصل وأما بيان شرائط جواز هذه الأنواع 58
27 فصل وأما حكم الشركة 65
28 فصل وأما صفة عقد الشركة 77
29 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد الشركة 78
30 كتاب المضاربة فصل وأما ركن العقد الخ 79
31 فصل وأما شرائط الركن الخ 81
32 فصل وأما بيان حكم المضاربة 86
33 فصل وأما صفة هذا العقد 101
34 فصل وأما حكم اختلاف المضارب ورب المال 101
35 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد المضاربة 112
36 كتاب الهبة 115
37 فصل وأما الشرائط 118
38 فصل وأما حكم الهبة 127
39 كتاب الرهن فصل وأما الشرائط 135
40 فصل وأما حكم الرهن 145
41 فصل وأما الذي يتعلق بحال هلاك المرهون 154
42 فصل وأما شرائط كونه مضمونا عند الهلاك 155
43 فصل وأما حكم اختلاف الراهن والمرتهن 174
44 كتاب المزارعة 175
45 فصل وأما ركن المزارعة 176
46 فصل وأما الشرائط الخ 176
47 فصل وأما الذي يرجع إلى الزرع 177
48 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع 177
49 فصل وأما الذي يرجع إلى الخارج 177
50 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع فيه 178
51 فصل وأما الذي يرجع إلى ما عقد عليه 179
52 فصل وبيان هذه الجملة الخ 179
53 فصل وأما الذي يرجع إلى آلة المزارعة الخ 180
54 فصل وأما الذي يرجع إلى مدة المزارعة الخ 180
55 فصل وأما الشرائط المفسدة للمزارعة الخ 180
56 فصل وأما بيان حكم المزارعة الصحيحة 181
57 فصل وأما حكم المزارعة الفاسدة 182
58 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخ المزارعة الخ 183
59 فصل وأما الذي ينفسخ به عقد المزارعة 184
60 فصل وأما بيان حكم المزارعة المنفسخة الخ 184
61 كتاب المعاملة 185
62 فصل وأما الشرائط المفسدة للمعاملة 186
63 فصل وأما حكم المعاملة الصحيحة الخ 187
64 فصل وأما حكم المعاملة الفاسدة الخ 188
65 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخها 188
66 فصل وأما الذي ينفسح به عقد المعاملة 188
67 فصل وأما حكم المعاملة المنفسخة الخ 188
68 كتاب الشرب 188
69 كتاب الأراضي 192
70 كتاب المفقود 196
71 فصل وأما بيان ما يصنع بماله 196
72 فصل وأما حكم ماله الخ 197
73 كتاب اللقط فصل وأما بيان حاله 197
74 كتاب اللقطة فصل وأما بيان أحوالها الخ 200
75 فصل وأما بيان ما يصنع بها 200
76 كتاب الإباق فصل وأما بيان ما يصنع به 203
77 فصل وأما بيان حكم ماله 203
78 فصل وأما شرائط الاستحقاق الخ 204
79 فصل وأما بيان من يستحق عليه الخ 205
80 فصل وأما بيان قدر المستحق الخ 205
81 كتاب السباق فصل وأما شرائط جوازه الخ 206
82 كتاب الوديعة فصل وأما شرائط الركن الخ 207
83 فصل وأما بيان حكم العقد 207
84 فصل وأما بيان ما يغير حال المعقود عليه 211
85 كتاب العارية فصل وأما الشرائط التي يصير الركن بها إعارة الخ 214
86 فصل وأما بيان حكم العقد الخ 214
87 فصل وأما صفة الحكم الخ 216
88 فصل وأما بيان حال المستعار 217
89 فصل وأما بيان ما يوجب تغير حالها 218
90 كتاب الوقف والصدقة 218
91 فصل وأما شرائط الجواز 219
92 فصل وأما الذي يرجع إلى الموقوف الخ 220
93 فصل وأما حكم الوقف الجائز 220
94 وأما الصدقة الخ 221
95 كتاب الدعوى 221
96 فصل وأما الشرائط المصححة للدعوى 222
97 فصل وأما بيان حد المدعي والمدعى عليه 224
98 فصل وأما بيان حكم الدعوى وما يتصل بها 224
99 فصل وأما حجة المدعي والمدعى عليه 225
100 فصل وأما بيان كيفية اليمين 227
101 فصل وأما حكم أدائه 229
102 فصل وأما حكم الامتناع 230
103 فصل وأما بيان ما تندفع به الخصومة عن المدعى عليه 231
104 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين 232
105 فصل واما بيان ما يظهر به النسب 252
106 فصل وأما صفة النسب الثابت 255
107 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين الخ 255
108 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين في قدر الملك 259
109 فصل وأما بيان حكم الملك والحق ثابت الخ 263
110 كتاب الشهادة فصل وأما الشرائط الخ 266
111 فصل وأما بيان ما يلزم الشاهد الخ 282
112 فصل وأما بيان حكم الشهادة 282
113 كتاب الرجوع عن الشهادة 283