إجارة الأرض من غير تسمية نصا لوجودها دلالة لان الإجارة تمليك المنفعة بعوض ولا يمكن الانتفاع بالأرض بدون الشرب فيصير الشرب مذكورا بذكر الأرض دلالة بخلاف البيع لان البيع تمليك العين والعين تحتمل الملك بدونه ولا تجوز هبته والتصدق به لان كل واحد منهما تمليك والحقوق المفردة لا تحتمل التمليك ولا يجوز الصلح عليه بان صالح من دعوى على شرب سواء كان دعوى المال أو الحق من القصاص في النفس وما دونه لان الصلح في معنى البيع الا أنه يسقط القصاص ويكون الصلح كأنه على العفو لما ذكرنا في كتاب الصلح ولان صورة الصلح أورثت شبهة والقصاص لا يستوفى مع الشبهات وتجب على القاتل والجارح الدية وأرش الجناية ولا تصح تسميته في باب النكاح بان تزوج امرأة عليه وعلى الزوج مهر المثل لان النكاح تصرف تمليك وأنه لا يحتمل التمليك وإذا لم تصح التسمية يجب العوض الأصلي وهو مهر المثل ولا تصح تسميته في الخلع بان اختلعت المرأة من نفسها عليه وعليها رد المأخوذ من المهر أن تسميته في معرض التمليك ان لم يصح فهو مال لكونه مرغوبا فيه فمن حيث إنه لم يحتمل التمليك لم يصلح بدل الخلع ومن حيث هو مال مرغوب فيه في نفسه لم يبطل ذلك أصلا فيظهر في وجوب رد المأخوذ وهذا أصلى في باب الخلع محفوظ أنه شئ تعذر تسليم البدل المذكور وهو مال مرغوب في نفسه يجب عليها رد المأخوذ من المهر ومورثه لان الإرث لا يقف على الملك لا محالة بل يثبت في حق المال كما يثبت في الملك كخيار العيب ونحو ذلك ويوصى به حتى لو أوصى لرجل أن يسقى أرضه مدة معلومة من شربه جازت الوصية وتعتبر من الثلث لان الوصية وإن كان تمليكا لكنها تمليك بعد الموت ألا ترى أن الموصى له لا يملك الموصى به في الحال وإنما يملك بعد الموت فأشبه الميراث فإذا احتمل الإرث احتمل الوصية التي هي أخت الميراث وإذا مات الموصى له تبطل الوصية حتى لا ميراثا لورثة الموصى له لان الشرب بعين مال بل هو حق مالي وشبه الخدمة ثم الوصية بالخدمة تبطل بموت الموصى له ولا تصير ميراثا فكذلك الوصية بالشرب ولو أوصى أن يتصدق بالشرب على المساكين لم يصح لأنه لما لم يحتمل التمليك بالتصدق استوى فيه الحال والإضافة إلى ما بعد الموت بالوصية ويسقى كل واحد من الشركاء على قدر شربه ولو اختلفا في قدر الشرب ولا بينة لأحدهم تحكم الأراضي فيكون الشرب بينهم على قدر أراضيهم ولا يعتبر عدد الرؤس بخلاف الجماعة إذا اختلفوا في طريق مشترك بينهم أنه لا تحكم فيه بقعة الدار بل يعتبر فيه عدد الرؤس وإنما كان كذلك لاختلاف المقصود إذ المقصود من الشرب السقي والسقي يختلف باختلاف الأراضي والمقصود من الطريق هو المروز وأنه لا يختلف باختلاف الدور ولو كان الاعلى منهم لا يشرب ما لم يسكر النهر عن الأسفل بأن كانت أرضه ربوة لم يكن له ذلك ولكن يشرب بحصته لان في سكر النهر حتى يشرب الاعلى منع الأسفل من الشرب وهذا لا يجوز الا إذا تراضيا على أن يسكر كل في نوبته فيجوز ولو أراد أحد الشركاء أن ينصب على النهر المشترك رحى أودالية أوسانية نظر فيه فإن كان لا يضر بالشرب والنهر وكان موضع البناء أرض صاحبه والا فلا لان رقبة النهر وموضع البناء ملك بين الجماعة على الشركة وحق الكل متعلق بالماء ولا سبيل إلى التصرف في الملك المشترك والحق المشترك الا برضا الشركاء وأما الذي يرجع إلى النهر فالأصل فيه أن النهر الخاص لجماعة لا يملك أحدهم التصرف فيه من غير رضا الباقين سواء أضربهم التصرف أولا لان رقبة النهر مملوكة لهم وحرمة التصرف في المملوك، لا تقف على الاضرار بالمالك حتى لو أراد واحد من الشركاء أن يحفر نهرا صغيرا من النهر المشترك فيسوق الماء إلى أرض أحياها ليس لها منه شرب ليس له ذلك الا برضاهم لان الحفر تصرف في محل مملوك على الشركة من غير رضاهم فيمنع عنه وكذلك لو كان هذا النهر يأخذ الماء من النهر العظيم فأراد واحد أن يزيد فيها كوة من غير رضا الشركاء ليس له ذلك وإن كان ذلك لا يضرهم لان ذلك تصرفهم في النهر باجراء زيادة ماء فيه من غير رضاهم فيمنع عنه ولو أراد أن ينصب عليه رحى فإن كان موضع البناء مملوكا له والماء يدير الرحى على سيبه له ذلك وإن كان موضع البناء مشتركا أو تقع الحاجة إلى تعريج الماء ثم الإعادة ليس له دلك لما فيه من الضرر بالشركاء بتأخير
(١٩٠)