الأبيضين والأسود بين الأسودين، وإن كان في قدرته أن يخلق الأبيض من الأسودين لا أن هذه الأدواء تعدى بنفسها.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم (لا هامة ولا صفر) فإن أهل الجاهلية كانوا يقولون: إذا قتل الانسان ولم يؤخذ بثأره خرج من رأسه طائر يصرخ ويقول أسقوني دم قاتلي. هكذا حكاه ابن الصباغ. وأما الصفر فان أهل الجاهلية كانوا يقولون في الجوف دابة تسمى الصفر إذا تحركت جاع الانسان وهي أعداء من الجرب عند العرب، وقيل هو تأخير حرمة المحرم إلى صفر، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم كل ذلك.
وقد بسط الشافعي رضي الله عنه في أحكام العيب فقال: ولو تزوج الرجل امرأة على أنها جميلة شابة موسرة تامة بكر فوجدها عجوزا قبيحة معدمة قطعاء ثيبا أو عمياء أو بها ضر ما كان الضر غير الأربع التي سمينا فيها الخيار يعنى الجذماء والبرصاء والرتقاء والمجنونة فلا خيار له، وقد ظلم من شرط هذا نفسه. إلى أن قال: وليس النكاح كالبيع فلا خيار في النكاح من عيب يخص المرأة في بدنها ولا خيار في النكاح عندنا إلا من أربع. أن يكون حلق فرجها عظما لا يوصل إلى جماعها بحال، وهذا مانع للجماع الذي له عامة ما نكحها، فإن كانت رتقاء فكان يقدر على جماعها بحال فلا خيار له، أو عالجت نفسها حتى تصير إلى أن يوصل إليها فلا خيار للزوج، وإن لم تعالج نفسها فله الخيار إذا لم يصل إلى الجماع بحال. وإن سألها أن يشقه هو بحديدة أو ما شابهها ويجبرها على ذلك، لم أجعل له أن يفعل وجعلت له الخيار. وإن فعلته هي فوصل إلى جماعها قبل أن أخيره لم أجعل له خيارا، ولكن لو كان القرن مانعا للجماع كان كالرتق أو تكون جذماء أو برصاء أو مجنونة، ولا خيار في الجذام حتى يكون بينا، فأما الزعر في الحاجب أو علامات ترى أنها تكون جذماء ولا تكون فلا خيار فيه بينهما.
وقال الجنون ضربان، فضرب خنق وله الخيار بقليله وكثيره، وضرب غلبة على عقله من غير حادث مرض فله الخيار في الحالين معا. وهذا أكثر من الذي يخنق ويفيق. اه وذهب بعض الحنابلة إلى ما ذهب إليه أصحابنا، إلا أنهم جعلوا خيار العيوب