بل لقد جعل اللطمة على وجه العبد فكاكا له من الرق وجعل جزاء اللطمة عتقه فمن لم يفعل مسته النار.
ثم إن الاسلام جعل من عوامل تصفيه الرق المكاتبة لقوله تعالى (فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) فجعل للعبد الحق في أن يطلب من سيده شراء نفسه مكاتبه بنجوم وأقساط يؤديها من صنعته أو عمله، وعلى سيده أن يمنحه كل أسباب اليسر وإعطاؤه بعض المال ليكون بمثابة رأس مال له في الحياة يواجه به أعباء الاستقلال عن سيده، ومن عوامل تصفيته التدبير، وهو ان يجعل رقه في حياته ثم يكون حرا بعد موته، ومن أسباب تصفيته أيضا تحريم ميراث أم الولد، وهو تحرير لها ولا ريب، لذلك نزجى إليك فصول العتق والمكاتب والمدبر شاهدة على صدق هذه القضية التي بسطناها لك في هذه لكليمه مجزأين بها عن الشرح والتعليق لنوفر مكانا على الورق نبذله فيها لم تتعطل أحكامه، وسبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين، قال المصنف رحمه الله تعالى:
العتق قربة مندوب إليه، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضوا منه من النار حتى فرجه بفرجه، ولا يصح إلا من مطلق التصرف في المال لأنه تصرف في المال كالبيع والهبة، فإن أعتق الموقوف عليه العبد الموقوف لم يصح عتقه لأنه لا يملكه في أحد القولين ويملكه في الثاني الا أنه يبطل به حق البطن الثاني فلم يصح، وان أعتق المريض عبدا وعليه دين يستغرقه لم يصح لان العتق في المرض وصيه فلم يصح مع الدين، وان أعتق العبد الجاني، فعلى ما ذكرناه في العبد المرهون.
(فصل) ويصح بالصريح والكناية وصريح العتق والحرية لأنه ثبت لهما عرف الشرع وعرف اللغة والكناية كقوله: سيبتك وخليتك وحبلك على غاربك ولا سبيل لي عليك ولا سلطان لي عليك وأنت لله وأنت طالق وما أشبهها لأنها تحتمل العتق فوقع بها العتق مع النية.