مثل ما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق، ففرح عبد الله بذلك، ولان الموت سبب يستقر به المسمى فاستقر به مهر المفوضة كالدخول.
والثاني: لا يجب لها مهر، وبه قال على وابن عمر وابن عباس وزيد بن ثابت رضي الله عنهم وأهل المدينة والزهري وربيعة ومالك والأوزاعي من أهل الشام ولأنها فرقة وردت على المفوضة قبل الفرض والمسيس فلم يجب لها مهر كالطلاق فأما خبر ابن مسعود رضي الله عنه فهو مضطرب، وروى أنه قام إليه ناس من أشجع، وروى أنه قام إليه رجل من أشجع، وروى أنه قام إليه معقل بن سنان وروى أنه قام إليه معقل بن يسار، وروى أنه قام إليه أبو سنان، ويجوز أن تكون بروع مفوضة المهر لا مفوضة البضع.
(فرع) وإن زوج الولي وليته بإذنها وهي من أهل الاذن على أن لا مهر لها في الحال ولا فيما بعد، فهل يصح النكاح؟ فيه وجهان.
أحدهما: لا يصح النكاح لأنها في معنى الموهوبة، وذلك لا يصح إلا للنبي صلى الله عليه وسلم والثاني: يصح النكاح ويبطل الشرط، لان النكاح لا يخلو من مهر، فإذا شرط أن لا مهر لها بحال ألغى الشرط لبطلانه، ولا يبطل النكاح لأنه لا يبطل لبطلان المهر، فعلى هذا تكون مفوضة البضع، وقد مضى حكمها، فإن زوج الأب أو الجد الصغيرة أو الكبيرة المجنونة أو البكر البالغة العاقلة وفوض بضعها أو أذنت المرأة لوليها في تزويجها ففوض بضعها بغير إذنها لم تكن مفوضة، بل يجب لها مهر مثلها، لان التفويض إنما يتصور باذنها إذا كانت من أهل الاذن، هذا هو المشهور من المذهب.
وقال أبو علي بن أبي هريرة: إذا قلنا: إن الذي بيده عقدة النكاح هو الأب والحد صح تفويضه لبضع الصغيرة والمجنونة، كما يصح عفوه، والأول أصح، لأنه إنما يصح على أحد القولين بعد الطلاق فأما مع بقاء النكاح فلا يصح.
(فرع) قال ابن الصباغ: إذا وطئ الزوج المفوضة بعد سنين وقد تغيرت صفتها فإنه يجب لها مهر المثل معتبرا بحال العقد، لان سبب وجوب ذلك إنما هو بالعقد واعتبر به.