(والثاني) انه ان رضى أحدهما تقاصا، وإن لم يرض واحد منهما لم يتقاصا لأنه إذا رضى أحدهما فقد اختار الراضي منهما قضاء ما عليه بالذي له على الآخر ومن عليه حق يجوز أن يقضيه من أي جهة شاء.
(والثالث) انهما ان تراضيا تقاصا، وان لم يتراضيا لم يتقاصا لأنه إسقاط حق بحق فلم يجز إلا بالتراضي كالحوالة.
(والرابع) انهما لا يتقاصان بحال لأنه بيع دين بدين، وان أخذ من سهم الرقاب في الزكاة، فإن لم يكن فيه وفاء استرجع منه، وإن كان فيه وفاء فقد قال في الام: يسترجع ولا يعتق لأنه بالفساد خرج عن أن يكون من الرقاب، ومن أصحابنا من قال: لا يسترجع لأنه كالكتابة الصحيحة في العتق والكسب.
(فصل) فإن كاتب عبدا صغيرا أو مجنونا فأدى ما كاتبه عليه عتق بوجود الصفة وهل يكون حكمها حكم الكتابة الفاسدة مع البالغ في ملك ما فضل في يده من الكسب وفي التراجع، فيه وجهان (أحدهما) وهو قول أبي إسحاق: انه لا يملك ما فضل ف ي يده من الكسب ولا يثبت التراجع وهو رواية المزني في المجنون لأنه العقد مع الصبي ليس بعقد ولهذا لو ابتاع شيئا وقبضه وتلف في يده لم يلزمه الضمان بخلاف البالغ، فان عقده عقد يقتضى الضمان، ولهذا لو اشترى شيئا ببيع فاسد وتلف عنده لزمه الضمان (والثاني) وهو قول أبى العباس أنه يملك ما فضل من الكسب ويثبت بينهما التراجع، وهو رواية الربيع في المجنون لأنه كتابة فاسدة فأشبهت كتابة البالغ بشرط فاسد.
(فصل) وإن كاتب بعض عبده، وقلنا إنه لا يصح فلم يفسخ حتى أدى المال عتق لوجود الصفة وتراجعا وسرى العتق إلى باقيه لأنه عتق بسبب منه، فان كاتب شركا له في عبد من غير إذن شريكه نظرت، فإن جمع كسبه ودفع نصفه إلى الشريك ونصفه إلى الذي كاتبه عتق لوجود الصفة فان جمع الكسب كله وأداه ففيه وجهان.
(أحدهما) لا يعتق لان الأداء يقتضى أداء ما يملك التصرف فيه وما أداه من مال الشريك لا يملك التصرف فيه.