في استيفائه بنفسه أو بوكيله، وهل إذا قدر على التوكيل مع عجزه عن الطلب بنفسه يكون التوكيل واجبا وشرطا في بقاء شفعته أم لا؟ على ثلاثة أوجه.
أحدها وهو قول أبى حامد المروروذي في جامعه: إن التوكيل واجب عليه بعوض وغير عوض لكونه قادرا به على الطلب.
والوجه الثاني وهو قول أبى على الطبري في إفصاحه: إن التوكيل غير واجب عليه بعوض وغير عوض، لان بذل العوض التزام غرم.
والوجه الثالث وهو قول بعض المتأخرين: إن وجد متطوعا بالوكالة وجب عليه التوكيل لقدرته على الطلب من غير ضرر، وإن لم يجد إلا مستجعلا - والمستجعل طالب الجعالة لم يجب عليه التوكيل لما فيه من التزام زيادة على الثمن، فعلى هذا إن قيل بوجوب التوكيل بطلت شفعته إن لم يوكل، وان قيل: إنها غير واجبة كان على شفعته.
والحال الثانية: أن يعجز عن التوكيل ويقدر على الاشهاد بالطلب، فعند أبي حنيفة أن الاشهاد شرط في استحقاق الشفعة مع القدرة على الطلب ومع العجز عنه وانه متى لم يشهد مع مكنته من الاشهاد بطلت الشفعة، وعند الشافعي أن الاشهاد مع القدرة على الطلب ليس بواجب، لان الاشهاد إنما يراد ليكون بينة له على إرادة الطلب فاستغنى عنه بظهور الطلب، فأما وجوب الاشهاد مع العجز عن الطلب ففيه قولان.
أحدهما وهو ظاهر نص الشافعي أن الاشهاد ليس بواجب، وهو على شفعته ان ترك كالقادر على الطلب.
والقول الثاني: أن الاشهاد واجب، وتركه مبطل للشفعة، والفرق بين القادر على الطلب والعاجز عنه أن ظهور الطلب من القادر عليه يغنى عن الاخبار بمراده، والعاجز عنه قد يحتمل أن يكون امساكه تركا للشفعة، ويحتمل أن يكون قصدا للطلب مع المكنة فافتقر إلى نفى الاحتمال في الاخبار عن مراده بالاشهاد فعلى هذا يجب أن يشهد ويكون بينة كاملة عند الحاكم وهو أن يشهد شاهدين عدلين أو شاهدا وامرأتين، فإن أشهد شاهدا واحدا ليحلف معه لم يجز لان من الحكام