(الشرح) قال الشافعي: ولو قاسم وبنى قيل للشفيع: إن شئت فخذ الثمن وقيمة البناء أو دع لأنه بنى غير متعد فلا يهدم ما بناه قال المزني: هذا غلط، وكيف لا يكون متعديا وقد بنى فيما للشفيع فيه شرك مشاع، ولولا أن للشفيع فيه شركا ما كان شفيعا. وصورة هذه المسألة في رجل اشترى شقصا من دار وقاسم عليه ثم بنى في حصته وحضر الشفيع مطالبا لشفعته قال الشافعي: قيل للشفيع إن شئت فخذ الشقص بثمنه وبقيمة البناء قائما، ولا يجبر المشترى على قلعه لأنه بناء غير متعد، وهكذا عمارة الأرض للزرع.
قال المزني: هذا غلط من الشافعي لان القسمة إن وقعت مع الشفيع فقد بطلت شفعته وصحت القسمة، وإن لم يقاسمه الشفيع فالقسمة باطلة والشفعة واجبة، فلم تجتمع صحة القسمة مع بقاء الشفعة. وهذا الذي اعترض به المزني على الشافعي من تنافى بقاء الشفعة وصحة القسمة غلط، لأنه قد تصح القسمة مع بقاء الشفعة من خمسة أوجه.
(أحدها) أن يكون الشفيع غائبا وقد وكل في مقاسمة شركائه وكيلا فيطالب المشترى الوكيل بمقاسمته على ما اشترى، فيجوز للوكيل أن يقاسمه لتوكيله في المقاسمة، ولا يجوز أن يطالبه بالشفعة لأنه غير موكل في طلب الشفعة ويكون الشفيع على شفعته بعد القسمة ويكون المشترى غير متعد في البناء.
والوجه الثاني: أن لا يكون للشفيع الغائب وكيل في القسمة فيأبى المشترى التحاكم فيسأله أن يقاسمه على الغائب فيجوز للحاكم مقاسمة المشترى إذا كان الشريك بعيد الغيبة وليس له أن يأخذ للغائب بالشفعة الا لمولى عليه، ولا تبطل شفعة الغائب بمقاسمة الحاكم عنه، والمشترى غير متعد في البناء.
والوجه الثالث: أن يذكر المشترى للشفيع ثمنا موفورا فيعفو عن الشفعة لوفور الثمن ويقاسم المشترى، ثم يبين أن الثمن أقل مما ذكره المشترى فالقسمة صحيحه والشفعة واجبه والمشترى غير متعد ببنائه، لأنه بالكذب متعد في قوله لا في قسمته وبنيانه، فصار كرجل ابتاع دارا بثمن قد داسه بعيب ثم بنى ووجد البائع العيب في الثمن فعليه إذا رد المعيب واسترجع الدار أن يدفع إلى المشترى قيمة البناء قائما لأنه بناء غير متعد في فعله، وان دلس كاذبا في قوله