المشاركة والخوف من مئونة القسمة قد ارتفع بالبيع وزوال المالك، فعلى هذا لو باع بعض حصته ففي بطلان شفعته وجهان مخرجان من العافي عن بعض شفعته.
أحدهما: أنها لا تبطل وهو على حقه منها لأنها لا تستحق بقليل الملك كما تستحق بكثيره. فأما إن كان بيعه لحصته قبل العلم بشفعته ففي بطلان الشفعة وجهان.
أحدهما: وهو قول أبى العباس بن سريج إن شفعته قد بطلت لأنه باع الملك المقصود بالشفعة كما له منافعه. والثاني حكاه أبو حامد الأسفراييني أنه على شفعته لأنه قد ملكها، وليس في بيعه قبل العلم عفو عنها. والوجه الأول أصح فإذا علم بالمبيع وقيل له إن الثمن ألف درهم فعفا عن الشفعة ثم بان ان الثمن مائة دينار كانت له الشفعة ولا يؤثر فيها ما تقدم من العفو لأنه قد يعفو عن الدراهم لاعوازها معه، وهكذا لو قيل له إن الثمن مائة دينار فعفا عن الشفعة ثم بان أنه ألف درهم كان على شفعته.
وقال أبو يوسف: إن كان قيمة الألف مائة دينار فصاعدا فلا شفعة له، وإن كانت قيمته أقل فله الشفعة، وقد خطأ أصحابنا هذا.
وإذا تعدد الشفعاء فقد قال الشافعي: إذا حضر أحد الشفعاء أخذ الكل بجميع الثمن، فان حضر الثاني أخذ منه النصف بنصف الثمن، فان حضر الثالث أخذ منهما الثلث بثلث الثمن حتى يكونوا في ذلك سواء. وصورتها في دار بين أربعة شركاء باع أحدهم حصته على غير شركائه فالشفعة فيها واجبه لشركائه الثلاثة، فإن كانوا حاضرين وطلب بعضهم الشفعة دون بعض فيعطى الطالب وتبطل الشفعة لمن عفا، وللطالب أن يأخذ جميع الشقص بشفعته وليس له أن يبعض ويأخذ الثلث لما فيه من تفريق الصفقة فإذا كانوا جميعا غائبين فهم على حقوقهم من الشفعة ما لم يكن منهم عفو، فإذا ادعى المشترى على أحدهم العفو عن شفعته لم تسمع دعواه، لان للآخرين أن يأخذا الجميع فلم يكن لدعواه معنى، ولكن لو ادعى شريكان على الثالث منهم العفو سمعت دعواهما لما فيه من توفر حقه عليهما وأحلف لهما ولم تسمع شهادة المشترى عليه بالعفو لما فيها من شفعة عن مطالبته ولو ادعى المشترى على الثلاثة كلهم العفو كان له إحلافهم لأنهم لو نكلوا