القدرة عليه ليأتي دمشق فيطالبه بها بطلت شفعته لان قدرته على أخذها بدمشق كقدرته على أخذها بمصر. ولكن لو أنكر المشترى بمصر أنه خليط فأخرها ليقيم البينة في دمشق كان على شفعته إذا لم يجد بينة بدمشق قال الماوردي واختلف أصحابنا فيمن شهد به البينة في استحقاق الشفعة على وجهين: أحدهما أنه لا شفعة له إلا أن تشهد له البينة بالملك، وبه قال أبو حنيفة لئلا ينتزع ملكا بأمر محتمل والوجه الثاني: أنه يستحق الشفعة إذا شهدت له البينة باليد، وبه قال أبو يوسف، لأنها حجة في الملك، لكن يحلف الشفيع مع بينته أنه مالك، ثم يحكم له بالشفعة.
وإذا عرض الشقص قبل البيع على الشفيع فلم يشتره ثم بيع فله المطالبة بالشفعة ولا يسقط حقه منها بامتناعه من الشراء لوجوبها بالبيع الحادث. فلو عفا الشفيع عنها قبل الشراء كان عفوه باطلا وهو على حقه من الشفعة بعد الشراء لأنه عفا عنه قبل استحقاقها فصار كإبرائه من الدين قبل وجوبه.
فإذا صالح الشفيع المشترى على مال يأخذه منه عوضا على تركه الشفعة لم يجز وكان صلحا باطلا وعوضا مردودا، كما لا يجوز أن يعاوض على ما قد استحقه من دين أو شرط.
وفى بطلان شفعته بذلك وجهان (أحدهما) أنها قد بطلت لأنه تارك لها.
والوجه الثاني: أنها لم تبطل لان الترك مشروط بعوض فلما بطل العوض بطل الترك. وإذا عفا الشفيع عن بعض الشفعة لم يتبعض العفو، وفيه وجهان.
أحدهما أن العفو باطل وهو على حقه من الشفعة في الكل، لان العفو لما لم يكمل بطل، وبه قال أبو يوسف والوجه الثاني وهو قول أبى العباس بن سريج أن العفو صحيح في الكل تعليقا لما ظهر من حكم التسليم، وبه قال محمد بن الحسن (فرع) إذا وجبت الشفعة بخليط فباع حصته قبل الاخذ أو الترك لم يخل حاله عند بيعها من أحد أمرين، إما أن يبيعها قبل العلم بالشفعة أو بعد العلم بها، فإن باع حصته بعد العلم بالشفعة فلا شفعة له، لان المعنى الموجب لها من سوء