حدوث سبب لتلفها ففي ضمانها وجهان (أحدهما) أنه لا يضمنها كما لا يضمن الزق إذا لبث بعد حله تم مال (والوجه الثاني) عليه الضمان بخلاف الزق لأن الماء أحد المتلفات.
(فرع) إذا نصب رصيصا من اللبن لحرقه (قمينة) حتى يجعر آجرا في غير المكان المخصص والوقت المناسب اللذين جرت عادة الناس بنصب الرصائص أو القمائن فيها كأن جاء في أوقات امتلاء الاجران بحصاد الحقول فأوقد في تنور اللبن بين الاجران أو وقت تعبئة القطن في الأكياس فطارت شرارة من النور إلى الاجران أو الاقطان فأحرقتها ضمن ما أتلف، أما إذا أعد الرصيص في أوانه ولم يكن وقت حصاد ولا جنى قطن، وكان لآخر صومعة فيها تبن أو طعام فطارت شرارة أصابت ما فيها فاحترق فلا ضمان عليه لأنه غير متعد، وكذلك لو أروى أرضه في دوره فتسربت المياه إلى حقل جاره لم يضمن لأنه غير متعد، فإذا أرواها في غير دوره - وهو الوقت المخصص له بترتيب أصحاب الحق في المياه - ثم تسربت إلى حقل جاره فأتلفته كان عليه ضمان المتلف، أما الثوب الذي حمله الريح من منشر الجار فألقاه في بيته فقد أسلفنا القول في الوديعة أنه وديعة يجب المبادرة إلى اعلام صاحبه به فإذا أخفاه أو تباطأ في اعلام صاحبه أو تلكأ كان عليه ضمانه وارتفعت يده من الأمان إلى الضمان وإذا طار فلم يعلم به صاحب الدار حتى احترق بنار في داره أو بهيمة أكلته لم يضمنه، ولو علم به فإن لم يقدر على منعها لم يضمن، وان قدر على منعها فعليه الضمان، ولكن لو زاره عند حصول الثوب في داره فتركه، فإن كان مالكه غير عالم به فعليه اعلامه فإن لم يعلمه فهو ضامن، وإن كان مالكه عالما به فهو غير ضامن، فإذا هبت ريح فاجتاحته فألقته بعيدا فإن لم يستطع منعه فلا ضمان، وان قدر على منعه من الريح فتركه ففي ضمانه وجهان.
أحدهما: لا ضمان عليه لأنه لم يكن منه ما يضمن به.
والثاني: عليه الضمان كما لو أكلته بهيمة يقدر على منعها، فلو أن الثوب حين أطارته الريح وقع في صبغ لصاحب الدار فانصبغ به فلا ضمان على واحد