فإن بيع الثوب قسم الثمن بينهما نصفين، وإن نقص قيمتهما بأن صار الثوب يساوى خمسة عشر حسب النقصان على الغاصب في صبغه، لأنه بفعله حصل النقص، فان بيع الثوب بخمسة عشر دفع إلى صاحب الثوب عشرة، وإلى الغاصب خمسة فان صارت قيمة الثوب عشرة حسب النقص على الغاصب، فان بيع الثوب بعشرة دفع العشرة كلها إلى صاحب الثوب، لأنه إما أن يكون سقط بدل الصبغ بالاستهلاك، أو نقص به قيمة الثوب فلزمه أن يجبر ما نقص من قيمة الثوب، فان صارت قيمة الثوب ثمانية لم يستحق بصبغه شيئا لأنه استهلكه في الثوب، ويلزمه درهمان لأنه نقص بصبغه من قيمة الثوب درهمان.
(فصل) إذا استهلك ثمن الصبغ لم يبق للغاصب في الثوب حق، لان ماله هو الصبغ وقد استهلكه، وان بقي للصبغ ثمن فطلب الغاصب استخراجه أجيب إلى ذلك لأنه عين ماله فكان له أخذه كما لو غرس في أرض مغصوبة غراسا ثم أراد قلعه، فان نقص قيمة الثوب باستخراج الصبغ ضمن ما نقص لأنه حصل بسبب من جهته، وان طلب صاحب الثوب استخراج الصبغ وامتنع الغاصب، ففيه وجهان.
(أحدهما) لا يجبر، وهو قول أبى العباس، لان الصبغ يهلك بالاستخراج ولا حاجة به إلى ذلك، لأنه يمكنه أن يستوفى حقه بالبيع، ولا يجوز أن يتلف مال الغير.
(والثاني) يجبر، وهو قول أبي إسحاق وأبي علي بن خيران، لأنه عرق ظالم لا حق له فيه فأجبر على قلعه كالغراس في الأرض المغصوبة وان بذل المغصوب منه قيمة الصبغ ليتملكه وامتنع الغاصب لم يجبر على القبول، لأنه اجبار على بيع ماله، وان أراد صاحب الثوب البيع وامتنع الغاصب بيع، لأنه ملك له فلا يملك الغاصب أن يمنعه من بيعه بتعديه، وان أراد الغاصب البيع وامتنع صاحب الثوب ففيه وجهان.
أحدهما يجبر ليصل الغاصب إلى ثمن صبغة، كما يجبر الغاصب على البيع ليصل رب الثوب إلى ثمن ثوبه. والثاني: لا يجبر لأنه متعد فلم يستحق بتعديه إزالة ملك