وفصلانا مثل فصلانك، فقال عبد الله بن مسعود: وقد رأيت يا أمير المؤمنين أن يكون ذلك من الوادي الذي جنى فيه بنو عمك، فقال عثمان. نعم.
ودليلنا ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال. من أعتق شركا له في عبد قوم عليه إن كان موسرا فأوجب قيمة الحصة، ولم يوجب مثل تلك الحصة ولأنه لما كانت أجزاؤه مضمونة القيمة دون المثل، حتى من قطع يد دابة لم تقطع يد دابته، ومن حرق ثوبا لم يحرق ثوبه، وجب أن يكون في استهلاك العين بمثابته، ولان ما تختلف أجزاؤه يتعذر فيه المماثلة، ولا يخلو من أن يكون زائدا يظلم به الغاصب، أو ناقصا يظلم به المغصوب، والقيمة عدل يؤمن فيها ظلم الفريقين، فأما الجواب عن قوله اناء مثل الاناء وطعام مثل طعام فهو أن القيمة مثل في الشرع، قال تعالى " فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين " فجعل قيمة الجزاء من الطعام مثلا وأما خبر عثمان فمحمول على التفضل منه لتطوعه بذلك عن غيره من بنى عمه.
(فرع) إذا تقرر أنه مضمون بالقيمة دون المثل فلا يخلو أن يكون من جنس الأثمان كالثياب والحيوان فقيمته من غالب نقد البلد فيه أكثر ما كان قيمة من حين الغصب إلى حين التلف في سوقه وبلده، فإن قيل لم لم يضمن نقص السوق مع بقاء العين وضمن نقص السوق مع تلف العين، قيل لأنه قد فوت عليه زيادة السوق مع تلف العين ولم يفوتها عليه مع بقاء العين. وإن كان من جنس الأثمان فعلى ضربين.
(أحدهما) أن يكون مباح الاستعمال كالحلي ففي كيفية ضمانه وجهان.
(أحدهما) يضمن قيمته مصوغا من غير جنسه، إن كان من الذهب ضمن قيمته فضه، وإن كان من الفضة ضمن قيمته ذهبا.
(والوجه الثاني) أنه يضمن بمثل وزنه من جنسه وبأجرة صياغته، مثل أن يكون وزن مائة جرام من ذهب وهو مصوغ فيضمن بمائة جرام ذهبا وبأجرة صياغته، وهل تجوز أن تكون الأجرة ذهبا، أم لا، على وجهين (أحدهما) لا يجوز حتى تكون ورقا لئلا تفضي إلى الربا، والتفاضل في الذهب بالذهب.