ليأخذها مع الغراس قدم المعير، لان الغراس يتبع الأرض في البيع فجاز أن يتبعها في التملك، والأرض لا تتبع الغراس في البيع فلم تتبعه في التملك، وإن امتنع المعير من بذل القيمة وأرش النقص وبذل المستعير أجرة الأرض لم يجبر على القلع لقوله صلى الله عليه وسلم " ليس لعرق ظالم حق " وهذا ليس بظالم فوجب أن يكون له حق، ولأنه غراس مأذون فيه فلا يجوز الاضرار به في قلعه، وإن لم يبذل المستعير الأجرة ففيه وجهان (أحدهما) لا يقلع لان الإعارة تقتضي الانتفاع من غير ضمان (والثاني) يقلع لان بعد الرجوع لا يجوز الانتفاع بماله من غير أجرة (فصل) وإذا أقررنا الغراس في ملكه فأراد المعير أن يدخل إلى الأرض للتفرج أو يستظل بالغراس لم يكن للمستعير منعه، لان الذي استحق المستعير من الأرض موضع الغراس. فأما البياض فلا حق للمستعير فيه فجاز للمالك دخوله وإن أراد المستعير دخولها نظرت فإن كان للتفرج والاستراحة لم يجز، لأنه قد رجع في الإعارة فلا يجوز دخولها من غير إذن، وإن كان لاصلاح الغراس أو أخذ الثمار ففيه وجهان (أحدهما) لا يملك لان حقه إقرار الغراس والبناء دون ما سواه (والثاني) أنه يملك، وهو الصحيح لان الاذن في الغراس إذن فيه فيما يعود بصلاحه وأخذ ثماره، وإن أراد المعير بيع الأرض جاز لأنه لا حق فيها لغيره فجاز له بيعها، وإن أراد المستعير بيع الغراس من غير المعير، ففيه وجهان (أحدهما) يجوز لأنه ملك له لا حق فيه لغيره (والثاني) لا يجوز لان ملكه غير مستقر، لان للمعير أن يبذل له قيمة الغراس والبناء فيأخذهما، والصحيح هو الأول لأن عدم الاستقرار لا يمنع البيع كالشقص المشفوع يجوز للمشترى بيعه، وإن جاز أن ينتزعه الشفيع بالشفعة (الشرح) حديث " المؤمنون عند شروطهم " وكذلك حديث " ليس لعرق ظالم حق " أسلفنا القول فيهما في غير موضع. أما الأحكام فقد قال صاحب الحاوي إذا قبض المستعير الأرض للغرس والبناء ثم رجع المعير فإن كان رجوعه قبل الغرس منع المستعير من غرسها وبنائها، فإن بنى بعد رجوعه أو غرس كان في حكم الغاصب يؤخذ بقلع الغرس والبناء مع أجرة المثل وتسوية الأرض، فإن رجع المعير بعد الغرس والبناء لم يكن له إحداث زيادة في غرسه وبنائه، فإن
(٢١٢)