(فصل) وإن اختلفا في الثياب التي على العبد المغصوب، فادعى المغصوب منه أنها له، وادعى الغاصب أنها له، فالقول قول الغاصب لان العبد وما عليه في يد الغاصب فكان القول قوله والله أعلم (الشرح) الأحكام. قال الشافعي: ولو غصبه جارية فهلكت فقال: ثمنها عشرة فالقول قوله مع يمينه.
قلت: قد ذكرنا أن المغصوب مضمون بأكثر قيمته في السوق والبدن ووقت الغصب إلى وقت التلف. وقال أبو حنيفة: هو مضمون بقيمته وقت الغصب اعتبارا بحال التعدي، وهذا خطأ من وجهين (أحدهما) أن استدامة الفعل كابتدائه شرعا.
أما الشرع فقوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا " أي استداموا الايمان، وقال تعالى " اهدنا الصراط المستقيم " أي ثبتنا على الهداية إليه، فاستوى حكم الابتداء والاستدامة في الاخبار والطلب وأما اللسان فهو أن مستديم الغصب بيمين في كل حال غاصبا. ويقال قد غصب، وإن كان قد تقدم من الغصب (والثاني) أن الغصب عدوان يوجب الضمان كالجناية، فلما كانت براءة الجراح في الجناية إلى تلف النفس توجب ضمان ما حدث بعد الجرح، وجب أن يكون الحادث بعد الغصب في حكم الموجود في حال الغصب، ثم هو في الغصب أولى منه في الجناية لبقاء يده في الغصب وارتفاعها في الجناية، وفيما ذكرناه من المعاني الماضية في نمو البدن وزيادته دليل كاف فإذا ثبت هذا واختلفا في المغصوب فهو على ثلاثة أضرب:
(أحدها) أن يختلفا في قيمته (والثاني) أن يختلفا في تلفه (والثالث) أن يختلفا في مثله. فأما الضرب الأول وهو اختلافهما في قيمته فعلى ضربين:
(أحدهما) أن يكون اختلافهما في القيمة مع اتفاقهما على الصفة، فيقول المغصوب منه قيمة مالي ألف. ويقول الغاصب: قيمة مالك مائة فالقول قول الغاصب مع يمينه في قدر قيمته لامرين: أحدهما إنكاره الزيادة، والشرع في الانكار يجعل القول قول المنكر دون المدعى. والثاني: أنه غارم والقول في الأصول قول الغارم