فأما حديث أبي رافع فليس بصريح في الشفعة فإن الصقب القرب، قال الشاعر:
كوفية نازح محلتها * لا أمم دارها ولا صقب وبقية الأحاديث التي تثبت الشفعة للجار فيها مقال كما قال ابن المنذر على أنه يحتمل أنه أراد بالجار الشريك فإن ذلك جار على ألسنة الشعراء، ويسمى كل واحد من الزوجين جارا، قال الأعشى:
أجارتنا بيني فإنك طالقه * وموموقة ما كنت فينا ووامقه وتسمى الضرتان جارتين لاشتراكهما في الزوج. قال حمل بن مالك: كنت بين جارتين لي فضربت إحداهما الأخرى بمسطح فقتلتها وجنينها، وهذا كله يمكن حمل حديث أبي رافع عليه، فإذا ثبت أن الشفعة واجبة بالخلطة دون الجوار فالكلام فيها يشتمل على أربعة أقسام.
(أحدها) ما تجب به الشفعة.
(والثاني) ما تجب فيه (والثالث) من تجب له (والرابع) ما تؤخذ به.
فأما ما تجب به فهو انتقال الملك بعقد المعاوضات والعقود على ثلاثة أقسام قسم يجب فيه العوض، وقسم لا يجب فيه العوض، وقسم اختلف قول الشافعي في وجوب العوض فيه، فأما الموجب للعوض فخمسة عقود، البيع والإجارة والصلح والصداق والخلع، فالشفعة بجميعها مستحقه كالمبيع لانتقال الملك بها عوضا أو معوضا وسنشرح كلا في موضعه. وأما ما لا يوجب العوض إما لأنه لا ينقل الملك كالرهن والعارية، أو لأنه لا يوجب العوض مع انتقال الملك كالوقف والوصية فلا شفعة به لان ما لا ينقل لملك استحق به نقل الملك، وما لا عوض فيه لا معوض فيه.
واختلف أصحابنا هل يغلب في ملك أم الولد للشقص حكم المعاوضات أو حكم الوصايا إذا قال لها: إن خدمت ورثتي سنة بعد موتى فلك هذا الشقص ففعلت على وجهين.
أحدهما: أن حكم المعاوضات عليه أغلب لاستحقاقه بالخدمة، فعلى هذا يأخذه الشفيع بعد انقضاء السنة بأجرة مثل خدمتها تلك السنة.