الصبغ مثل أن يكون ثمنه بعد الصبغ عشرين درهما فيأخذ رب الثوب منها عشرة التي هي ثمن ثوبه ويأخذ الغاصب عشرة هي ثمن صبغه، ولم يحصل فيها نقص لا في الثوب ولا في الصبغ، وإن كانت الزيادة أقل من ثمن الصبغ مثل أن يكون ثمنه بعد الصبغ خمسة عشر درهما فيأخذ رب الثوب عشرة ثمن ثوبه كاملا ويأخذ الغاصب الخمسة الباقية ويصير النقص مختصا بصبغه لضمانه نقص الثوب.
وإن كانت الزيادة أكثر من ثمن الصبغ فتكون الزيادة بينهما بقدر ماليهما بحسب قانون النسبة المعروف في الرياضيات، وإذا كانت الزيادة بينهما على قدر المالين لم يختص الغاصب بها، وإن كانت حادثة بعمله، لأنه عمل في ماله ومال غيره فلم يحصل له عوض عن عمله في مال غيره وحصل له عوض عمله في مال نفسه، فان دعا أحدهما إلى بيعه وأبى الآخر نظر في الداعي إلى البيع، فإن كان رب الثوب فله ذاك، وليس للغاصب لتعديه بالصبغ أن يمنعه من البيع فيستديم حكم الغصب، وان دعا الغاصب إلى بيعه ليتوصل إلى ثمن صبغه وأبى رب الثوب، فان بذل له مع إبائه ثمن الصبغ الذي يستحقه لو بيع الثوب فله ذاك ولا يجبر على البيع.
وان لم يبذل له الصبغ ففيه وجهان ذكرهما أبو علي الطبري في افصاحه، أحدهما. أنه يجبر رب الثوب إلى ثمن ثوبه. والوجه الثاني أنه لا يجبر رب الثوب على بيعه لان الغاصب متعد بصبغه فلم يستحق بتعديه إزالة ملك رب الثوب عن ثوبه فهذا الكلام في الصبغ إذا لم يمكن استخراجه، ولا فرق بين أن يكون سوادا وبين أن يكون غيره من الألوان.
وقال أبو حنيفة. إن كان الصبغ سوادا فلا شئ للغاصب فيه وكان رب الثوب مخيرا بين أن يأخذه ولا شئ عليه للصبغ وبين أن يعطيه للغاصب ويأخذ منه قيمته، وإن كان الصبغ حمرة أو صفرة فهو مخير بين أن يأخذه وعليه قيمة الصبغ وبين أن يعطيه الغاصب ويأخذ منه قيمه الثوب فجعل له في الأصباغ كلها أن يأخذ من الغاصب قيمته ان شاء فله أن يأخذه مصبوغا لكن إن كان