وأما الجواب عن استدلالهم بدخول الشاة إلى داره والثوب إذا أطارته الريح إليها فهو أن لا يكون بذلك متعديا فلم يكن ضامنا ويكون بإمساك الولد متعديا فكان ضامنا. ألا ترى أن دخول الصيد إلى داره لا يوجب عليه الضمان لعدم تعديه، وولادة الصيد في يده توجب عليه الضمان لتعديه. فإذا ثبت أن ولد المغصوبة مضمون على الغاصب فسواء تلف بعد إمكان رده أو قبل إمكانه في ضمان قيمته في أكثر أحواله فيه من حين الولادة إلى وقت التلف، فإن نقصت قيمة أمه بعد الولادة - فإن كان نقصها لغير الحمل - ضمنه مع قيمة الولد، وإن كان نقصها لأجل لم يضمنهما معا لان ضمان ولدها هو ضمان لحملها، فكان ضامنا لأكثر الامرين من نقص الحمل وقيمة الولد.
فإذا تقرر ما وصفنا فللولد ثلاثة أحوال يضمن فيها، وحال لا يضمن، وحال مختلف فيها. فأما أحوال الضمان ففي الغصب والجناية والاحرام، فإن ضمان الولد فيها واجب كالأم، وأما حال سقوط الضمان ففي الإجارة والرهن والوديعة، فإن ولد المستأجرة والمرهونة والمودعة غير مضمون كالأم، فأما الحال المختلف فيها ففي العارية والبيع الفاسد ففي ضمان الولد فيهما وجهان مبنيان على اختلاف أصحابنا في ضمان الام في العارية والبيع الفاسد، هل هو ضمان غصب أم لا؟ على وجهين.
(أحدهما) أنه ضمان غصب، فعلى هذا يكون الولد مضمونا بأكثر الامرين من قيمته أو نقص الحمل كالغصب.
(والوجه الثاني) أنه يكون مضمونا ضمان عقد، فعلى هذا يكون الولد غير مضمون لأنه لم يدخل في العقد.
فأما إذا غصب مالا فاتجر به وربح فيه ففي ربحه قولان: أحدهما وهو قوله في القديم: أنه لرب المال، وهو مذهب مالك. والقول الثاني: أنه للغاصب وهو مذهب أبي حنيفة، وسنذكر توجيه القولين في القراض، فأما إذا غصب شيئا فصاد به، فعلى ثلاثة أضرب. أحدها: أن يكون آلة كالشبكة والقوس فالصيد للغاصب وعليه أجرة الآلة، والضرب الثاني: أن يكون عبدا فالصيد للمغصوب منه لان يده يد لصاحبه وهل على الغاصب أجرته مدة صيده أم لا؟ على وجهين