العطايا والوصايا سواها وامتنعت من المباينة بين الوقف والعطايا سواه وأنت تفرق بين العطايا سواه فرقا بينا فنقول في العمرى هي لصاحبها لا ترجع إلى الذي أعطاها ولا تقول هذا في العارية ولا العطية غير العمرى، قال بالسنة. قلت: وإذا جاءت السنة اتبعتها؟ قال فذلك يلزمني. قلت: فقد وصفت، لك في الوقف السنة والخبر العام عن الصحابة ولم تتبعه، وقلت له أرأيت النحل والهبة والعطايا غير الوقف ألصاحبها أن يرجع فيها ما لم يقبضها من جعلها له؟ قال نعم: قلت: فمن تقويت به فمن قال قولك من أصحابنا يقول لا يرجع فيها وإن مات قبل يقبضها من أعطيها رجعت ميراثا يكون في ذلك الوقف فيسوى بين قوليه، قال فهذا قول لا يستقيم ولا يجوز فيه إلا واحد من قولين إما أن يكون كما قلت إذا تكلم بالوقف أو العطية تمت لمن جعلها له وجبر على إعطائها إياه، وإما أن يكون لا يتم إلا بالقبض مع العطايا فيكون له أن يرجع ما لم تتم بقبض من أعطيها ولا يجوز أبدا أن يكون له حبسها إذا تكلم بإعطائها ولا يكون لوارثه ملكها عنه إذا لم ترجع في حياته إلى ملكه لم ترجع في وفاته إلى ملكه فتكون موروثة عنه. وهذا قول محال وكل ما وهبت لك فلى الرجوع فيه ما لم تقبضه أو يقبض لك وهذا مثل أن أقول قد بعتك عبدي بألف فإن قلت قد رجعت قبل تختار اخذه كان لي الرجوع وكل أمر لا يتم إلا بأمرين لم يجز أن يملك بواحد. فقلت هذا كما قلت إن شاء الله ولكن رأيتك ذهبت إلى رد الصدقات قال ما عندي فيها أكثر مما وصفت فهل لك فيها حجة غير ما ذكرت مما لزمك به عندنا إثبات الصدقات؟ قال ما عندي فيها أكثر مما وصفت (قال الشافعي) رحمه الله قلت ففيما وصفت أن صدقات المهاجرين والأنصار بالمدينة معروفة قائمة وقد ورث المهاجرين والأنصار النساء الغرائب والأولاد ذوو الدين والاهلاك لأموالهم والحاجة إلى بيعه فمنعهم الحكام في كل دهر إلى اليوم فكيف أنكرت إجازتها مع عموم العلم؟ وأنت تقول لو أخرج رجل بيتا من داره فبناه مسجدا وأذن فيه لمن صلى ولم يتكلم بوقفه كان وقفا للمصلين ولم يكن له أن يعود في ملكه إذا أذن للمصلين فيه وفى قولك هذا أنه لم يخرجه من ملكه ولو كان إذنه في الصلاة إخراجه من ملكه كان إخراجه إلى غير مالك بعينه فكان مثل الحبس الذي يلزمك إطلاقها لحديث شريح فعمدت إلى ما جاءت به السنة من الوقف في الأموال والدور وما أخرجه مالكه من ملك نفسه فأبطلته بعلة وأجزت المسجد بلا خبر من أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جاوزت القصد فيه فأخرجته من ملك صاحبه ولم يخرجه صاحبه من ملكه إنما يخرجه بالكلام وأنت تعيب على المدنيين أن يقضوا بحيازة عشرة وعشرين سنة إذا حاز الرجل الدار والمحوز عليه حاضر يراه يبنيها ويهدمها وهو يبيع المنازل لا يكلمه فيها. وقلت الصمت والحوز لا يبطل الحق إنما يبطله القول وتجعل إذن صاحب المسجد وهو لم ينطق بوقفه وقفا فتزكن عليه وتعيب ما هو أقوى في الحجة من قول المدنيين في الحيازة من قولك في المسجد وتقول هذا وهو إزكان وقلت له أرأيت لو أذن في داره للحاج أن ينزلوها سنة أو سنتين: أتكون صدقة عليهم. قال لا وله منعهم متى شاء من النزول فيها، قلت: فكيف لم تقل هذا في المسجد يخرجه من الدار ولا يتكلم بوقفه. فقال إن صاحبينا قد عابا قول صاحبهم وصارا إلى قولكم في إجازة الصدقات، فقلت له ما زاد قولنا قوة بنزوعهما إليه ولا ضعفا بفراقهما حين فارقاه ولهما بالرجوع إليه أسعد، وما علمتهما أفادا حين رجعا إليه علما كانا يجهلانه، قال ولكن قد يصح عندهما الشئ بعد أن لم يصح، فقلت الله أعلم كيف كان رجوعهما ومقامهما والرجوع بكل حال خير لهما إن شاء الله وقلت له أيجوز لعالم أن يأتيه الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر منصوص فيقول به وإن عارضه
(٥٧)