الشافعي) وإذا اختلف المكارى والمكترى في قولنا وقولهم تحالفا وترادا، قيل لهم في هذا كيف تحكمون بحكم البيوع؟ قال: هو تمليك وإنما البيوع تمليك فقيل لهم فاحكموا له بحكم البيوع فيما أثبتم فيه حكم البيوع فيقولون ليس ببيع وهم لا يقبلون هذا من أحد فإذا قيل لبعضهم أنتم لا تصيرون في هذه الأقاويل إلى خبر يكون حجة زعمتم ولا قياس ولا معقول فكيف قلتموه؟ قالوا قاله أصحابنا وقال لنا بعضهم ما في الإجارة إلا ما قلتم من أن نحكم لها بحكم البيوع ما كانت السلامة للمنفعة قائمة أو تبطل ولا تجوز بحال فقيل له فتصير إلى أحد القولين فلا أعلمه صار إليه (قال) وإن تكارى رجل من رجل دابة من مكة إلى مر فتعدى بها إلى عسفان فإن سلمت الدابة كان عليه كراؤها إلى مر وكراء مثلها إلى عسفان فإن عطبت الدابة فله الكراء إلى مر وقيمة الدابة في أكثر ما كانت ثمنا من حين تعدى بها من الساعة التي تعدى بها فيها كان أو بعدها ولا يكون عليه قيمتها قبل التعدي إنما يكون عليه حين صار ضامنا في حال التعدي. وقال بعضهم لصاحب الدابة إن شاء الكراء بحساب وإن شاء يضمنه قيمة الدابة وإن سلمت وليس نقول بهذا قولنا هو الأول لا يضمنها حتى تعطب (قال الشافعي) ومن أعطى مالا رجلا قراضا ونهاه عن سلعة يشتريها بعينها فاشتراها فصاحب المال بالخيار، إن أحب أن تكون السلعة قراضا على شرطها وإن شاء ضمن المقارض رأس ماله. قال الربيع وله قول آخر أنه إذا أمره أن يشترى سلعة بعينها فتعدى فاشترى غيرها فإن كان عقد الشراء بالعين بعينها فالشراء باطل وإن كان الشراء بغير العين فالشراء قد تم ولزم المشترى الثمن والربح له والنقصان عليه وهو ضامن للمال لأنه لما اشترى بغير عين المال صار المال في ذمة المشتري وصار له الربح والخسارة عليه وهو ضامن المال لصاحب المال (قال الشافعي) فإن أعطى رجل رجلا شيئا ليشترى له شيئا بعينه فاشترى له ذلك الشئ وغيره بما أعطاه أو أمره أن يشترى له شاة فاشترى شاتين أو عبدا فاشترى عبدين ففيها قولان، أحدهما أن صاحب المال بالخيار في أخذ ما أمر به وما ازداد له بغير أمره أو أخذ ما أمره به بحصته من الثمن والرجوع على المشترى بما يبقى من الثمن وتكون الزيادة التي اشترى للمشترى وكذلك إن اشترى بذلك الشئ وباع والخيار في ذلك إلى رب المال لأنه بماله ملك ذلك كله وبماله باع وفى ماله كان الفضل، والقول الآخر أنه قد رضى أن يشترى له شيئا بدينار فاشتراه وازداد معه شيئا فهو له فإن شاء أمسكه وإن شاء وهبه لأن من رضى شيئا بدينار فلم يتعد من زاده معه غيره لأنه قد جاء بالذي رضى وزاده شيئا لا مؤنة عليه في ماله وهو معنى قول الشافعي. وقال بعض الناس في الدابة يسقط الكراء حيث تعدى لأنه ضامن، وقال في المقارض إذا تعدى ضمن وكان له الفضل بالضمان ولا أدرى أقال يتصدق به أم لا؟ (قال الشافعي) وقال في الذي اشترى ما أمره به وغيره معه للامر ما أمره به بحصته من الثمن وللمأمور ما بقي ولا يكون للامر بحال لأنه اشترى بغير أمره (قال الشافعي) فجعل هذا القول بابا من العلم ثبته أصلا قاس عليه في الإجارات والبيوع والمقارضة شيئا كثيرا أحسبه لو جمع كان دفاتر (قال الشافعي) فقيل لبعض من قال هذا القول قد زعمنا وزعمتم أن الأصل من العلم لا يكون أبدا إلا من كتاب الله تعالى أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قول أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بعضهم أوامر أجمعت عليه عوام الفقهاء في الأمصار فهل قولكم هذا واحد من هذا؟ قال لا قيل فإلى أي شئ ذهبتم فيه؟ قال قال شريح في بعضه قلنا قد رددنا نحن وأنتم هذا الكلام وأكثرنا أتزعمون أن شريحا حجة على أحد إن لم يقله إلا شريح؟ قال لا وقد نخالف شريحا في كثير من أحكامه بآرائنا: قلنا فإذا لم يكن شريح عندكم حجة على الانفراد فيكون حجة على خبر رسول الله صلى الله
(٣٣)