شاء الله تعالى: قلنا أفرأيت لو قال فأراك تقول نعطى اليتامى والمساكين وابن السبيل سهم النبي صلى الله عليه وسلم وسهم ذي القربى فإن جاز لك أن يكون الله عز وجل قسمه على خمسة فجعلته لثلاثة فأنا أجعله كله لذوي القربى لأنهم مبدءون في الآية على اليتامى والمساكين وابن السبيل لا يعرفون معرفتهم ولان النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه ذوي القربى ولا أجد خبرا مثل الخبر الذي يحكى أنه عليه الصلاة والسلام أعطى ذوي القرى سهمهم (1) واليتامى والمساكين وابن السبيل ولا أجد ذلك عن أبي بكر ولا عمر فقال ليس ذلك له: قلنا ولم؟ قال لأن الله تعالى إذ قسم لخمسة لم يجز أن يعطاها واحد، قلت فكيف جاز لك. وقد قسم الله عز وجل لخمسة أن أعطيته ثلاثة وذوو القربى موجودون؟ (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: فقال لعل هذا إنما كان في حياة النبي صلى الله عليه وسلم لمكانهم منه فلما توفى النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن لهم قلت له أيجوز لاحد نظر في العلم أن يحتج بمثل هذا؟ قال ولم لا يجوز إذا كان يحتمل وإن لم يكن ذلك في الخبر ولا شئ يدل عليه؟
قلت: فإن عارضك جاهل بمثل حجتك فقال ليس لليتامى والمساكين وابن السبيل بعد النبي صلى الله عليه وسلم شئ لأنه يحتمل أن يكون ذلك حقا ليتامى المهاجرين والأنصار الذين جاهدوا في سبيل الله مع رسوله وكانوا قليلا في مشركين كثير ونابذوا الأبناء والعشائر وقطعوا الذمم وصاروا حزب الله فهذا لأيتامهم ومساكينهم وأبناء سبيلهم فإذا مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصار الناس مسلمين ورأينا ممن لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن لآبائه سابقة معه من حسن اليقين والفضل أكثر ممن يرى أخذوا وصار الامر واحدا فلا يكون لليتامى والمساكين وابن السبيل شئ إذا استوى في الاسلام، قال ليس ذلك له قلت ولم؟ قال لأن الله عز وجل إذا قسم شيئا فهو نافذ لمن كان في ذلك المعنى إلى يوم القيامة قلت له فقد قسم الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم لذوي القربى فلم لم تره نافذا لهم إلى يوم القيامة؟ قال فما منعك أن أعطيت ذوي القربى أن تعطيهم على معنى الحاجة فيقضى دين ذي الدين ويزوج العزب ويخدم من لا خادم له ولا يعطى الغنى شيئا: قلت له منعني أنى وجدت كتاب الله عز وجل ذكره في قسم الفئ وسنة النبي صلى الله عليه وسلم المبينة عن كتاب الله عز وجل على غير هذا المعنى الذي دعوت إليه، وأنت أيضا تخالف ما دعوت إليه. فتقول لا شئ لذوي القربى، قال إني أفعل فهلم الدلالة على ما قلت قلت قول الله عز وجل " وللرسول ولذي القربى " فهل تراه أعطاهم بغير اسم القرابة؟ قال لا وقد يحتمل أن يكون أعطاهم باسم القرابة ومعنى الحاجة: قلت فإن وجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى من ذوي القربى غنيا لا دين عليه ولا حاجة به بل يعول عامة أهل بيته ويتفضل على غيره لكثرة ماله، وما من الله عز وجل به عليه من سعة خلقه، قال إذا يبطل المعنى الذي ذهبت إليه، قلت فقد أعطى أبا الفضل العباس ابن عبد المطلب وهو كما وصفت في كثرة المال يعول عامة بني المطلب ويتفضل على غيرهم، قال فليس لما قلت من أن يعطوا على الحاجة معنى إذا أعطيه الغنى، وقلت له أرأيت لو عارضك معارض أيضا فقال قال الله عز وجل في الغنيمة " واعلموا أنما غنمتم من شئ فإن لله خمسه " الآية، فاستدللنا أن الأربعة الأخماس لغير أهل الخمس فوجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها من حضر القتال وقد يحتمل أن يكون أعطاهموها على أحد معنين أو عليهما فيكون أعطاها أهل الحاجة ممن حضر دون أهل الغنى عنه أو قال قد يجوز إذا كان بالغلبة