فأودعها من شاء فهلكت ضمن إذا لم يأذنا له، وإن كان غائبا فأودعها من يودع ماله ممن يكون أمينا على ذلك فهلكت لم يضمن، فإن أودعها ممن يودع ماله ممن ليست له أمانة فهلكت ضمن، وسواء كان المودع من أهلها أو من غيرهم أو حرا أو عبدا أو ذكرا أو أنثى لأنه يجوز له أن يستهلك ماله ولا يجوز له أن يستهلك مال غيره، ويجوز له أن يوكل بماله غير أمين ولا يجوز له أن يوكل بأمانته غير أمين، وهكذا لو مات المستودع فأوصى إلى رجل بماله والوديعة أو الوديعة دون ماله فهلكت فإن كان الموصى إليه بالوديعة أمينا لم يضمن الميت وإن كان غير أمين ضمن، ولو استودعه إياها في قرية آهلة فانتقل إلى قرية غير آهلة أو في عمران من القرية فانتقل إلى خراب من القرية وهلكت ضمن في الحالين، ولو استودعه إياها في خراب فانتقل إلى عمارة أو في خوف فانتقل إلى موضع آمن لم يكن ضامنا لأنه زاده خيرا، ولو كان شرط عليه أن لا يخرجها من هذا الموضع فتعدى فأخرجها من غير ضرورة فهلكت ضمن، فإن كانت ضرورة فأخرجها إلى موضع أحرز من الموضع الذي كانت فيه لم يضمن. وذلك مثل النار تغشاه والسيل، ولو اختلفا في السيل أو النار فقال المستودع لم يكن سيل ولا نار وقال المستودع قد كان فإن كان يعلم أنه قد كان في تلك الناحية ذلك بعين ترى أو أثر يدي فالقول قول المستودع، وإن لم يكن فالقول قول المستودع، ومتى ما قلت لواحد منهما القول قوله فعليه اليمين إن شاء الذي يخالفه أحلفه (قال) وإذا استودع الرجل الرجل الوديعة فاختلفا فقال المستودع دفعتها إليك وقال المستودع لم تدفعها فالقول قول المستودع ولو كانت المسألة بحالها غير أن المستودع قال أمرتني أن أدفعها إلى فلان فدفعتها وقال المستودع آمرك فالقول قول المستودع وعلى المستودع البينة. وإنما فرقنا بينهما أن المدفوع إليه غير المستودع. وقد قال الله عز وجل: " فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي أوتمن أمانته " فالأول إنما ادعى دفعها إلى من أئتمنه، والثاني إنما ادعى دفعها إلى غير المستودع بأمره فلما أنكر أنه أمره أغرم له لأن المدفوع إليه غير الدافع. وقد قال الله عز وجل: " فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم " وقال عز اسمه " فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم " وذلك أن ولى اليتيم إنما هو وصى أبيه أو وصى وصاه الحاكم ليس أن اليتيم استودعه، فلما بلغ اليتيم أن يكون له أمر في نفسه وقال لم أرض أمانة هذا ولم استودعه فيكون القول قول المستودع كان على المستودع أن يشهد عليه إن أراد أن يبرأ، وكذلك الوصي فإذا أقر المدفوع إليه أنه قد قبض بأمر المستودع فإن كانت الوديعة قائمة ردها وإن كان استهلكها رد قيمتها، فإن قال هلكت بغير استهلاك ولا تعد فالقول قوله ولا يضمن من قبل أن الدافع إليه بعد إنما دفع إليه بقول رب الوديعة، قال وإذا استودع الرجل الرجل المال في خريطة فحولها إلى غيرها، فإن كانت التي حولها إليها حرزا كالتي حولها منها لا يضمن وإن كانت لا تكون حرزا ضمن إن هلكت، وإن استودعه إياها على أن يجعلها في صندوق على أن لا يرقد عليه أو على أن لا يقفله أو على أن لا يضع عليه متاعا فرقد عليه أو أقفله أو وضع عليه متاعا فسرق لم يضمن لأنه زاده خيرا. وكذلك لو استودعه على أن يدفنها في موضع من البيت ولا يبنى عليه فوضعها في ذلك الموضع وبنى عليه بنيانا بلا أن يكون مخرجا لها من البيت فسرقت لم يضمن لأنه زادها بالبناء حرزا. وإذا استودع الرجل الرجل الوديعة على أن يجعلها في بيت ولا يدخله أحد فأدخله قوما فسرقها بعض الذين دخلوا أو غيرهم، فإن كان الذي سرقها ممن أدخلها فعليه غرمها وإن كان الذي سرق لم يدخله فلا غرم عليه (قال) وإذا سأل الرجل الرجل الوديعة فقال ما استودعتني شيئا، ثم قال قد كنت استودعتني فهلكت فهو ضامن لها من قبل أنه قد أخرج نفسه من الأمانة وكذلك لو سأله إياها فقال قد دفعتها إليك ثم قال
(١٤٣)