وكيف يعقل أن يسكت عثمان عن شخص كابن سبأ وهو يراه يؤلب الناس ضده؟ وقد قرأنا مواقفه ضد الصحابة ونفيه بعضهم إلى الربذة وضربه صحابيا آخر حتى أصابه بالفتق؟!!
وماذا نفعل بالمجهزين على عثمان، وفيهم الكثير ممن شهدوا بدرا؟
وهل يعقل أن يكون كل هؤلاء قد تأثروا بابن سبأ؟
ولو صح ما قيل، فهل يعقل أن يسكت الإمام علي عن ابن سبأ وهو يراه يروج لأفكار مزدك واليهودية؟
وغيرها الكثير من التساؤلات.. نتركها خوفا من الإطالة، ونقتصر على تحليل الدكتور طه حسين في الموضوع.. فإنه قال في كتابه الفتنة الكبرى:
... وهناك قصة أكبر الرواة المتأخرون من شأنها، وأسرفوا فيها حتى جعلها كثير من القدماء مصدرا لما كان من الاختلافات على عثمان، ولما أورث هذا الاختلاف من فرقة بين المسلمين لم تمح آثاره، وهي قصة عبد الله بن سبأ الذي يعرف بابن السوداء.
قال الرواة: كان عبد الله بن سبأ يهوديا من أهل صنعاء حبشي الأم، فأسلم في أيام عثمان، ثم جعل يتنقل في الأمصار يكيد للخليفة ويغري به ويحرض عليه، ويذيع في الناس آراء محدثة أفسدت عليهم رأيهم في الدين والسياسة جميعا.
وإلى ابن السوداء يضيف كثير من الناس كل ما ظهر من الفساد والاختلاف في البلاد الإسلامية أيام عثمان، ويذهب بعضهم إلى أنه أحكم كيده إحكاما، فنظم في الأمصار جماعات خفية تستتر بالكيد، وتتداعى بينها إلى الفتنة، حتى إذا تهيأت لها الأمور وثبت على الخليفة، فكان ما كان من الخروج والحصار وقتل الإمام.