الثاني:
أنه يلزم منه الظلم. لأنه إذا كلف العبد لا لغرض الإفادة، وألزمه مشاق التكليف لا لمنفعة في الدنيا، ولا في الآخرة. كان ذلك محض الظلم، وهو تعالى منزه عن ذلك.
الثالث:
أنه يلزم منه إبطال النبوة (112)، وذلك موجب الكفر.
بيان ذلك: أن دليل النبوة مبني على مقدمة، وهي أن الله تعالى، خلق المعجز على يد مدعي الرسالة، لغرض التصديق، لأنه لو فعله لا لذلك، لم يكن دليلا على التصديق.
وتمثل المسلمون في ذلك: بمدعي رسالة ملك، وقال له أيها الملك: إن كنت صادقا في مقالتي فقم، ليعرف الناس صدق مقالتي، فقام ذلك الملك طلبا لتصديقه (113)، وفعل ذلك عدة مرار، فإن الناس يجزمون بصدقه. ولو قام الملك في كل مرة، لغرض غير التصديق، كالملال من ذلك المكان، وإرادة قضاء الحاجة (114)، وغير ذلك، لم يدل على صدقه.
وصار بمنزلة ما لو ادعى شخص رسالة رب العالمين. وقال: يا الله، إن كنت صادقا، فاطلع الشمس غدا من المشرق. فطلعت على عادتها فيه (115)، لم يكن دليلا على صدقه، حيث لم يفعله تعالى لغرض تصديقه، فإذا انتفى الغرض عندهم، استحال العلم بصدق مدعي النبوة.