وقال آخرون: إن الأفعال والموجودات والكائنات، كلها واقعة من الله تعالى (130).
والحق الأول لوجوه:
أ / (131) إن الضرورة قاضية بالفرق بين أفعالنا الاختيارية والاضطرارية، فإنا نفرق بالضرورة بين حركتنا يمنة ويسرة، وبين الطيران إلى السماء والوقوع من شاهق، ولو كانت الأفعال كلها صادرة من الله تعالى، انتفى الفرق بينهما، وهو معلوم البطلان بالضرورة.
ب / إن أفعالنا تقع بحسب قصودنا ودواعينا، وتنتفي بحسب كراهتنا وصوارفنا، فإنا إذا أردنا الحركة يمنة، أوجدناها كذلك لا يسرة، وإذا أردنا الصعود، وقع لا النزول، وإذا أردنا الأكل، وقع لا الشرب، وهذا الحكم كله ضروري (132)، ولو كانت الأفعال صادرة من الله تعالى، لم يكن كذلك، بل، جاز أن يقع وإن كرهناها، وأن لا يقع وأن أردناها.