الأمر أن المالك في الصحيحتين هو الإمام وفي صحيحة سليمان غيره على الظاهر ويحتمل فيها أيضا إرادة الإمام كما مر.
ولا نرى إجمالا في صحيحة معاوية بن وهب ولا في غيرها.
هذا مضافا إلى أن عمومات أخبار الإحياء ولا سيما مثل قوله (عليه السلام) في موثقة محمد بن مسلم: " أيما قوم أحيوا شيئا من الأرض وعملوها فهم أحق بها وهي لهم " تشمل المقام أيضا، ولا ينافي هذا وجوب الطسق للمالك كما في مورد الموثقة أعني أراضي أهل الذمة، فتأمل.
ورقبة الأرض وإن فرض نسبتها إلى شخص خاص واختصاصها به إجمالا، لكن الأرض وما فيها وضعت للأنام وتعطيلها واحتكارها يضر بالمجتمع، فلا يظن بالشرع العقلاء إجازة تعطيلها وترك استثمارها عمدا. فالحكم بجواز إحيائها وأحقية المحيي بها مع إيجاب الطسق للمالك جمع بين الحقين ولا يبعد صدوره من قبل الله - تعالى - مولى الموالي حسبة. وقد مر خبر يونس، عن العبد الصالح (عليه السلام)، قال: " إن الأرض لله - تعالى - جعلها وقفا على عباده، فمن عطل أرضا ثلاث سنين متوالية لغير ما علة أخذت من يده ودفعت إلى غيره... " (1) وبالجملة، فيمكن أن يكون حكم أرض الغير يخالف حكم سائر الأموال، والاحتياط يقتضي إحالة ذلك في كل عصر إلى حاكم المسلمين وسائسهم كما أشار إليه في الدروس، فتدبر.
والأولى نقل بعض كلمات الأعلام في المقام، فنقول:
1 - قال الشيخ في متاجر النهاية:
" ومن أحيا أرضا ميتا كان أملك بالتصرف فيها من غيره، فإن كانت الأرض لها مالك معروف كان عليه أن يعطي صاحب الأرض طسق الأرض، وليس للمالك انتزاعها من يده ما دام هو راغبا فيها. " (2)