إن قلنا بأن الصاحب لم يكن مالكا لنفس الرقبة لزم القول برجوعها إلى الإمام بالكلية وشملها أدلة الإذن في الإحياء، إذ المفروض زوال علة الاختصاص السابق وهو الإحياء. وكون علة الحدوث علة للبقاء أيضا يحتاج إلى عناية زائدة ودليل قطعي. بل الظاهر أن موضوع الحق هو آثار الإحياء السابق والمفروض زوالها بالكلية. وأما إن قلنا بأن صاحبها كان مالكا لنفس الرقبة فالقاعدة تقتضي بقاءها في ملكه وكونها محكومة بحكم مجهول المالك كالأرض المحياة وغيرها من الأموال إذا فرض جهل مالكها، فإن طبع الملكية كما مر هو الدوام والاستمرار مع بقاء الموضوع إلا أن تنتقل إلى الغير بإحدى النواقل الشرعية.
والمستفاد من الأخبار والفتاوى في المال الذي جهل مالكه أو عرف ولم يمكن إيصاله إليه أنه يتصدق به عن صاحبه. والأحوط بل الأقوى أن يكون هذا بإذن المجتهد الجامع لشرائط الحكم، لأنه ولى الغائب، ولأنه مقتضى الجمع بين ما دل على التصدق به - كما في أخبار كثيرة متفرقة في الأبواب المختلفة ومنها خبر يونس عن الرضا (عليه السلام) فيمن أصاب معه بعض متاع من رافقه بمكة ولا يعرف بلده - وبين ما دل على كونه للإمام كقول أبي عبد الله (عليه السلام) في رواية داود بن يزيد:
" ماله صاحب غيري "، وقول أبي الحسن (عليه السلام) في رواية محمد بن القاسم بن الفضيل: " ما أعرفك لمن هو " يعني نفسه، فراجع الوسائل. (1) ولعله لذا قال في الشرائع:
" وكل أرض جرى عليها ملك لمسلم فهي له أو لورثته بعده، وإن لم يكن لها مالك معروف معين فهي للإمام - عليه السلام -، ولا يجوز إحياؤها إلا بإذنه. " (2) فتحمل الأرض في كلامه - قدس سره - على الأعم من الحية والميتة كما هو الظاهر من إطلاقه، وليس الذيل قرينة على إرادة خصوص الميتة بل بيان لحكم قسم منها. ويراد بقوله: " فهي للإمام " كونها تحت اختياره وتصرفه لا كونها ملكا