الجهة الأولى:
في التعرض لأخبار متفرقة يظهر منها إجمالا ذم العشارين:
وهذا السنخ من الأخبار كثير جدا في كتب الفريقين نقتصر هنا على ذكر بعضها:
1 - ففي نهج البلاغة مخاطبا لنوف البكالي: " يا نوف، إن داود - عليه السلام - قام في مثل هذه الساعة من الليل فقال: إنها ساعة لا يدعو فيها عبد إلا استجيب له إلا أن يكون عشارا أو عريفا أو شرطيا أو صاحب عرطبة - وهي الطنبور - أو صاحب كوبة - وهي الطبل. " (1) ورواها في مصادر نهج البلاغة عن الخصال وكمال الدين للصدوق والمجالس للمفيد وحلية الأولياء وتاريخ بغداد وتاريخ دمشق ودستور معالم الحكم وكنز الفوائد، فراجع. (2) أقول: العشار لا يتعين فيمن يأخذ العشور المحرمة، بل كان يطلق العشر كثيرا على الصدقات الواجبة كما يظهر من الأخبار، اللهم إلا أن يقال بانصراف لفظ العشار إلى خصوص الآخذين للعشور غير المشروعة. والحكومة الحقة مثل الباطلة لا بد لها من عشار وشرطي وعريف، فيمكن أن يقال: إن هذه التعبيرات الواردة في الروايات مع غلظتها وردت لبيان خطورة هذه الحرف ولزوم الدقة والاحتياط فيها لكثرة وقوع الزلات فيها، وكل عشار رهين بحسن عمله وحساب ما جباه من الأموال، والحساب رقيق دقيق. ويمكن أن يحمل أخبار الذم على خصوص الظالمين.