اختلال النظام لشيعتهم المرعوب عنه عندهم - عليهم السلام - قطعا، واستقرار السيرة على التصرف حتى في عصر الحضور بلا منع وردع - الأخبار الكثيرة الصادرة عنهم ولا سيما ما ورد في باب إحياء الموات من طرق الفريقين.
نعم لا نأبى كما مر من حصر جواز التصرف على صورة عدم انعقاد الحكومة الحقة ضرورة وجود التحليل، وأما مع انعقادها بشرائطها ولو في عصر الغيبة فيمكن منع إطلاق أدلة التحليل لهذه الصورة.
ولو سلم فيمكن القول بتحققه ما لم يظهر المنع من قبل الحكومة الصالحة، وأما مع منعها وتحديدها فلا يجوز التصرف إلا في إطار مقررات الحكومة لما مرت الإشارة إليه من أن انعقاد الإمامة والحكومة الصالحة ملازم لجعل المنابع المالية الإسلامية تحت اختيارها وسلطتها.
وإذا كان المناط لتحليل مثل الأراضي والجبال وما يتبعهما من الأشجار والأنهار المعادن خلقها للأنام وتوقف حياتهم عليها فإسراء التحليل إلى سائر الأنفال مثل ميراث من لا وارث له مثلا مشكل بل ممنوع، ولذا ترى الأكثر من فقهائنا أفتوا بصرفه في الفقراء أو فقراء البلد ولا ترى القائل فيه بالتحليل إلا أقل قليل، فتدبر.
إذا عرفت هذا فلنتعرض لتفسير العناوين الثلاثة والأخبار الواردة في المقام وبيان مقدار الدلالة فيها، فنقول: لم يتعرض قدماء أصحابنا لتفسير العناوين المذكورة، وإنما تعرض له المتأخرون كالشهيد الأول في الدروس وحاشية القواعد والشهيد الثاني في المسالك وصاحب الحدائق وغيرهم.
وقد اختلفت الكلمات في المقام واشتبه المقصود حتى قال في الجواهر:
" لا ريب في إجمال عبارات الأصحاب في هذا المقام وسماجتها وعدم وضوح المراد منها أو عدم صحته، بل يخشى على من أمعن النظر فيها مريدا إرجاعها إلى مقصد صحيح من بعض الأمراض العظيمة قبل أن يأتي بشيء! وظني أنها كذلك مجملة عند كثير من أصحابنا وإن تبعوا في هذه الألفاظ بعض من تقدمهم ممن لا يعلمون