أقول: قد اختلفت كلمات فقهائنا - رضوان الله عليهم - في أرض أسلم أهلها طوعا تركها أهلها ولم يعمروها فخربت فقال بعضهم: إن الإمام يقبلها ممن يعمرها وكانت للمسلمين. وقال بعضهم: عليه طسقها لأربابها. ويظهر من بعضهم الجمع بين الحقين أعني كون الحاصل للمسلمين مع وجوب الطسق لأربابها أيضا.
قال العلامة في جهاد المختلف:
" أرض من أسلم أهلها عليها طوعا ملك لهم يتصرفون فيها كيف شاؤوا، فإن تركوا عمارتها يقبلها الإمام من يعمرها ويعطي صاحبها طسقها وأعطى المتقبل حصته، ما يبقى فهو متروك لمصالح المسلمين في بيت مالهم. قاله الشيخ وأبو الصلاح... " (1) وأنكر ابن إدريس جواز التصرف أصلا فقال في أحكام الأرضين من السرائر:
" ضرب منها أسلم أهلها عليها طوعا... فإن تركوها خرابا أخذها إمام المسلمين قبلها من يعمرها وأعطى أصحابها طسقها وأعطى المتقبل حصته، وما يبقى فهو متروك لمصالح المسلمين في بيت مالهم على ما روي في الأخبار.
أورد ذلك شيخنا أبو جعفر. والأولى عندي ترك العمل بهذه الرواية، فإنها تخالف الأصول والأدلة العقلية والسمعية، فإن ملك الإنسان لا يجوز لأحد أخذه ولا التصرف فيه بغير إذنه واختياره، فلا يرجع عن الأدلة بأخبار الآحاد. " (2) وقال العلامة في المختلف بعد نقل الأقوال:
" والأقرب ما اختاره الشيخ. لنا أنه أنفع للمسلمين وأعود عليهم فكان سائغا، وأي عقل يمنع من الانتفاع بأرض يترك أهلها عمارتها وإيصال أربابها حق الأرض؟ مع أن الروايات متظاهرة بذلك: روى صفوان بن يحيى وأحمد بن محمد بن أبي نصر، قالا: ذكرنا له الكوفة وما وضع عليها من الخراج وما سار فيها أهل بيته، فقال: " من أسلم طوعا تركت أرضه في يده وأخذ منه العشر مما سقي بالسماء والأنهار، ونصف العشر مما كان بالرشا فيما عمروه منها. وما لم يعمروه منها أخذه الإمام فقبله ممن