الجهة الثالثة:
في بيان الأنفال بالتفصيل:
أقول: قد مر منا سابقا احتمال أن يكون ما في الأخبار وكلمات الأصحاب من بيان المصاديق للأنفال من باب المثال، ولذا ذكرت المعادن والبحار في بعض الكلمات دون بعض، فيكون المقصود من الأنفال في فقه الشيعة جميع الأموال العامة التي خلقها الله - تعالى - للأنام ولا تنحصر في أمور خاصة بل تختلف هي بحسب الأعسار. فالأرض في الأعصار السالفة كانت أهم الأموال العامة وأقومها، وفي أعصارنا صار البحر والجو أيضا من أهمها.
فهذا السنخ من الأموال التي لم تحصل بصنع البشر ولا تعلق لها بأشخاص خاصة تكون كلها من الأنفال وتكون للإمام بما هو إمام وممثل للمجتمع، بمعنى كونها تحت اختياره حفظا للنظم والعدالة وحذرا من الهرج والمرج وتضييع الحقوق فتصرف وتوزع حسب ما يراه الإمام صلاحا، وإلى هذا يرجع ما دل على كون الأرض أو الدنيا كلها للإمام، فراجع. (1) ولا يراد بهذه الملكية الملكية الحقيقية الثابتة لله - تعالى - تكوينا بل الملكية الاعتبارية العرفية والشرعية، لما مر من إمكان اعتبارها للمقام والمنصب أيضا ولا تنافي هذه الملكية مالكية الأشخاص لآثارهم التي يحدثونها في الأرض والمواد الصناعية لاختلاف الموضوع فيهما: فالأرض مثلا ملك للإمام بما هو إمام، وآثار الإحياء ملك للمحيي لها. هذا.
ولكن يظهر من الشرائع حصر الأنفال في أمور خمسة، حيث قال: