إطلاقات أخبار الإحياء وعموماتها بل كون شمولها له أقوى بتقريب مر، وإلى ما مر عن التذكرة من التعليلين لقول مالك - بصحاح ثلاث:
الأولى: صحيحة أبي خالد الكابلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: " وجدنا في كتاب علي (عليه السلام): أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين، أنا وأهل بيتي الذين أورثنا الأرض ونحن المتقون، والأرض كلها لنا، فمن أحيا أرضا من المسلمين فليعمرها وليؤد خراجها إلى الإمام من أهل بيتي وله ما أكل منها، فإن تركها أو أخربها فأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها وأحياها فهو أحق بها من الذي تركها، فليؤد خراجها إلى الإمام من أهل بيتي، وله ما أكل منها حتى يظهر القائم " ع " من أهل بيتي بالسيف فيحوبها ويمنعها ويخرجهم منها كما حواها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) منعها، إلا ما كان في أيدي شيعتنا فإنه يقاطعهم على ما في أيديهم ويترك الأرض في أيديهم. " (1) وقد مر شرح سند الحديث ومتنه في المسألة السادسة، فراجع.
ومقتضاها بقرينة ثبوت الخراج وجواز إخراج المحيي منها عدم سببية الإحياء لملكية الرقبة وأنه بعد خرابها يكون الثاني أحق بها. وحمل قوله: " فإن تركها أو أخربها " على خصوص الإعراض الكلي خلاف الظاهر، إذ الظاهر من الحكم بأحقية الثاني عدم إعراض الأول بالكلية واحتمال ثبوت حق له أيضا. مضافا إلى أن فرض عدم ملكية الرقبة وكون متعلق الحق هو آثار الإحياء فقط يقتضي انتفاء الحق بانتفاء موضوعه قهرا، فتدبر.
وحمل الملكية للإمام في الصحيحة وغيرها على الملكية المعنوية كما قيل بلا وجه بعد ظهورها في الملكية الاعتبارية الشرعية. ويشهد لذلك تفريع آثارها من أخذ الخراج وجواز الإخراج. مضافا إلى ما مر منا من أن الأرض من الأموال العامة التي خلقها الله - تعالى - للأنام، وأن معنى كونها للإمام كونها تحت اختياره وتصرفه بما هو ولى أمر الأمة نظير سائر الأولياء المتصرفين في أموال المولى عليهم.